مقال

الغاء تعديلات قانون الايجارات القديم لمخالفته لحكم المحكمة الدستورية العليا

المستشار  محمد خلف | القاهرة 

مشكلة قوانين الإيجار القديم تتمحور حول عدم التوازن بين حقوق  و مصالح المالك  والمستأجر طرفى العلاقة الايجارية ، و ترتب على هذا الاخلال ركود عقاري كبير وتسبب في إغلاق آلاف الوحدات السكنية و غير السكنية ، بالإضافة إلى تقييد حركة تداول العقارات وتأثيره السلبي على الاستثمار واهدارالثروة العقارية فى مصر ، حيث منح القانون المستأجرين حقوقًا مبالغًا فيها و  مجافية للعدالة ، أدت لتثبيت الأجرة لسنوات طويلة  و استمرار عقود الايجار لفترات طويلة ،. تم مؤخرًا إصدار تعديلات تشريعية لمعالجة هذه المشكلة، بموجب القانون  رقم 164 لسنة 2025 والذى يهدف إلى إعادة التوازن للعلاقة الإيجارية وتصفية المنازعات مع توفير آليات لدعم المتضريين من القانون .

و ما يهمنا فى هذا المقام هو حالات اخلاء العين المؤجرة طبقا لهذا القانون الجديد في حالة عدم التراضي علي الايجار الجديد بين المالك والمستأجر أو انهاء العلاقة بالطريق الودي بينهما  اذ نص القانون على انتهاء العقود بعد مدة انتقالية حيث تنتهى فى الأماكن المؤجرة لغرض سكني تنتهي مدة إيجارها بعد ٧ سنوات من تاريخ العمل بالقانون اي تنتهي بتاريخ 3 /8 /2032 و فى الأماكن المؤجرة لغرض تجاري تنتهي مدة إيجارها بعد ٥ سنوات من تاريخ العمل بالقانون اي بتاريخ 3 /8 / 3030  ، كما اوردت المادة السابعة من القانون على حالتين للاخلاء و انتهاء عقد الايجار القديم الاولى  هى إذا ثبت ترك المستأجر أو من امتد إليه عقد الإيجار المكان المؤجر مغلقًا لمدة تزيد عن سنة دون مبرر ، والحالة الثانية هى  إذا ثبت أن المستأجر يمتلك وحدة سكنية أو غير سكنية، بحسب الأحوال، قابلة للاستخدام في ذات الغرض المعـد مـن أجلـه المكان المؤجر .

و بخصوص الحالة الاخيرة فان جانب من فقهاء القانون يرون ان هذة الحالة يشوبها عدم الدستورية و بالتالى فان هذة الحالة معرضة للإلغاء لتعارضها مع مبادئ الدستور ، حيث سبق للمحكمة الدستورية العليا ان قضت فى الدعوى رقم 56 لسنة 18 قضائية دستورية بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر يجرى نصها على “لا يجوز للشخص أن يحتجز فى البلد الواحد أكثر من مسكن دون مقتض”.

ووفقا لهذا الراى على ذلك فان يمكن للمستأجرين ان يطعنوا على الحالة الثانية من حالات الاخلاء المتعلقة بإمتلاء المستأجر شقة اخرى او محل تجارى اخر حسب الاحوال استنادا لحكم المحكمة الدستورية العليا سالف البيان .

الا اننى كخبير قانون ارى ان هذا الراى غير صحيح و ان حكم المحكمة الدستورية العليا لا ينطبق على حالة امتلاك المستأجر لعين اخرى صالحة لاستخدمها فى الغرض المخصص لها ، واستند فى ذلك الى اختلاف نصوص القانون و كذلك اختلاف اسباب عدم الدستورية لاحتجاز الشخص اكثر من مسكن فى بلد واحد و نبين الاسباب كالتالى:

1- ان النص المقضى بعدم دستوريته كان يتناول احتجاز الشخص اكثر من مسكن حتى لو كان المسكن الاخر مؤجراً ايضا ، فى حين ان تعديل قانون الايجارات القديم يشترط ان تكون العين الثانية مملوكة للمستأجر و بالتالى فان حالة الاخلاء لا تنطبق فى حالة اذا ما كانت العين الثانية مؤجرة .

2- ان النص المقضى بعدم دستوريته كان يتناول احتجاز اكثر من مسكن داخل محافظة واحدة و بالتالى يمكن ان يحتجز المستأجر شقق فى اكثر من محافظة بل يمكن ان يتصور ان يحتجز 26 شقة بعدد محافظات مصر دون ان يخضع للاخلاء من اى شقة منهم ، فى حين ان النص الحالى عام بمعنى ان المستأجر يخضع للاخلاء اذا كان يمتلك شقة او محل – بحسب الاحوال – فى اى مكان داخل القطر المصرى دون تحديد مكان معين او محافظة معينة .

3- ان النص المقضى بعدم دستوريته كان يقتصر الاخلاء فيه على المسكن و الشقق السكينة فقط دون المحلات و الاماكن التجارية ، فى حين ان النص الحالى يشمل كافة الاماكن سواء الشقق السكنية او المحلات او اى مكان غير سكنى فلا يفرق القانون بين النشاط السكنى و غير السكنى .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى