الحياة اصطفاء

د. طارق حامد| مصر
لنتفكر قليلا…. ونتساءل: لو لم يخلقنا الله تبارك و تعالي و لم نأت إلي هذه الدنيا بشرا أحياء و لو لم نعش هذه الحياة التي عشناها وبقينا في عالم الذر في ظهور آبائنا ؟!
ولما كان هذا حالنا وقد خلقنا الله عز وجل وأصبحنا أحياء نرزق فلنعلم أن المولي عز وجل قد اصطفانا من بين الذين ظلوا في عالم الذر ولم يخلقوا ولم يكن لهم ذكر ، وما ذلك إلا لأن في ذلك رحمة واصطفاء لنا﴿وَإِذ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَني آدَمَ مِن ظُهورِهِم ذُرِّيَّتَهُم وَأَشهَدَهُم عَلى أَنفُسِهِم أَلَستُ بِرَبِّكُم قالوا بَلى شَهِدنا أَن تَقولوا يَومَ القِيامَةِ إِنّا كُنّا عَن هذا غافِلينَ﴾ [الأعراف: 172]
والخلق والإبتلاءات التي نتعرض لها من مرض و فقدان و عثرات واخفاقات وابتلاء في الدين والدنيا وفي طريق الحياة وكل ما نقع تحته من اختبارات هو في الواقع اصطفاء لنا حتي نتطهر وننقي مما اعترانا من أدران وذنوب ومعاصي ورفعة لنا في الدرجات إن نحن اجتزنا هذه الاختبارات و الابتلاءات ، يقول الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم ( لا يزال البلاء بالعبد حتي يمشي علي الأرض وما عليه خطيئة)
ويقول صلي الله عليه وسلم ( يبتلي الرجل علي قدر إيمانه فإن كان في إيمانه شدة زيد في بلائه)
(وأشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل)
فكل ما يمر بنا في هذه الحياة الدنيا هو اصطفاء من الله عز وجل ورحمة منه سبحانه ، فهو ما خلقنا إلا ليرحمنا و يمن علينا بالإختيار فمن اختار الإيمان فقد دخل في رحمة الله و فضله و الله تعالي ما خلق سيدنا آدم وذريته إلا ليصطفيهم ، حتي الاختلاف فيما بيننا رحمة واصطفاء لنا
﴿وَلَو شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالونَ مُختَلِفينَإِلّا مَن رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُم وَتَمَّت كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَملَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنّاسِ أَجمَعينَ﴾ [هود: 118-119]
فلا نجزع ونتبرم و نحزن إذا ابتلينا بأي شيء فكله خير لنا ورحمة لنا واصطفاء منه سبحانه و تعالي بدءا من الخلق والانتقال من عالم الذر إلي عالم الحياة إلي الاختلاف و الابتلاء .
و أعلي الاصطفاء هو الاصطفاء للعمل لهذا الدين ثم الاصطفاء للشهادة في سبيل الله عز وجل
﴿إِن يَمسَسكُم قَرحٌ فَقَد مَسَّ القَومَ قَرحٌ مِثلُهُ وَتِلكَ الأَيّامُ نُداوِلُها بَينَ النّاسِ وَلِيَعلَمَ اللَّهُ الَّذينَ آمَنوا وَيَتَّخِذَ مِنكُم شُهَداءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظّالِمينَ﴾ [آل عمران: 140] فالحياة والابتلاء والعمل لدين الله و الشهادة اختيار واصطفاء.
وصلي الله علي سيدنا محمد و الحمد لله رب العالمين.




