ما بين ماركيز و د. هبة العطار (الحب في زمن الكوليرا)

إعداد: محرر عالم الثقافة
يقول ماركيز على لسان (فلورنتينو) بطل روايته الحب في زمن الكوليرا: [كل ما مضى لا يعود، ولكن يكفي أنه كان، ليمنحنا درسًا لا يُنسى. فالأيام تمضي، والقلوب تتبدّل، غير أن ما عشناه يبقى مطبوعًا في أعماقنا كوشمٍ لا يُمحى. لولا الألم لما تعلّمنا الصبر، ولولا الفقد لما عرفنا قيمة البقاء. إن الحنين ليس ضعفًا، بل اعترافٌ صادق بأن ما كان، كان جميلًا بما يكفي ليُفتقد].
وتقول الدكتورة هبة العطار: [طرق المشاعر نحو الحبيب… ليست مجرد مسارات تُخطط، ولا خرائط يمكن اتباعها، بل هي متاهة أزلية من الوعي واللاوعي، حيث يختلط الفكر بالوجد، والصمت بالكلام الذي لا يُقال. كل خطوة فيها تأمل، وكل منعطف فيها مواجهة مع النفس قبل الآخر، وكل حجر على الطريق يحمل صدى ذكرياتنا، توقنا، وأحلامنا المبعثرة. نمشي على أرصفة الأمل كما لو أننا نسير على خطوط الزمن نفسها، مبللة بقطرات الشوق، تتلألأ أضواء الحنين فيها كما تتلألأ الروح في لحظة إدراكٍ عميقة بعد مطر الغياب.. الطرق لا تنتهي، لأن القلب لا يعرف حدودًا للشعور؛ عند كل منعطف نكتشف عمقًا جديدًا للذات، حلمًا لم يُحكَم بعد، سرًّا لم يُكشف. المشاعر تكشف لنا عوالم مخفية داخلنا قبل أن تكشف عن الحبيب، وتجعل من الرحلة نفسها مقصدًا، ومن السير نحو من نحب تمرينًا على الصبر، على الانفتاح، على الحب بلا شروط أو قيود.وفي كل خطوة، نتعلم أن الانتظار ليس فقدًا، بل هو شكل من أشكال الإدراك، وأن كل صبر هو تأمل، وكل حنين هو اكتشاف ذاتي. المشاعر الحقيقية تجعل من الطريق روحًا، ومن الحبيب سرابًا وواقعًا في آن واحد، حتى نصبح نحن والطرق جسدًا وروحًا واحدة، لا فرق بين ما نسير عليه وما نحبه، بين المكان والزمن والشعور. الرحلة نحو الحبيب إذن، ليست مكانًا يُقطع، بل حالة وجود كاملة، فلسفة تُعاش، وحياة تُختبر بكل تفاصيلها، حيث يذوب الفكر في العاطفة، والخيال في الواقع، حتى يتحقق التوحد الكامل بين القلب].




