أدب

الجميل

قصة قصيرة: محمد السعيد| مصر
ضرب عبد الباقى فراش مدرسة سعد زغلول الثانوية المشتركة جرس الفسحة ، فطفت البسمات على الوجوه ،وحلقت الأصوات فى الهواء ، الآن، أفرج عن العصفور الحبيس . تدافع الطلاب إلى الفناء فى مرح ، ذهب المدخنون منهم إلى دورات المياه ، أخرجت فى لهفة علب الثقاب والسجائر ، وتصاعدت ، فى إنسيابيه، سحب الدخان الزرقاء ، وتراءت معها صور غامضة ، أما صارى العلم فوقف متحدياً وغير مبالى! .فى الفصول بقيت بعض الطالبات ، مفضلين الهدوء على الضوضاء . قالت إحداهن برقة وهى ممسكة بطبشور صغير: الحب… شرعت فى كتابتها، وما لبثت أن مسحتها وهى تتلفت ناحية الباب !. سألت أخرى جالسة: ما رأيكم فى حكاية مدحت ومنى؟ فأجابت جارتها : أبوه رئيس حسابات ،فوكزتها زميلتها قائلة : يعنى رئيس الوزراء يختى ، عادت الواقفة تقول : جميل مدحت ده . فى الفصل المجاور، دخلت منى بعد أن تلقت الإشارة من زميلتها عند السلالم ، تحركت ،بخفة ، وفتحت حقيبة مدحت، ألقت نظرة على فناء المدرسة المتشاجر فيما بينه !.أمام الكانتين وقف الطلاب يأكلون ويشربون الكوكا ،فيما راح عبدالباقى يلقى بصوت منغم : طرقت الباب حتى كل متنى… وحين كل متنى كلمتنى !
– من يفهم هذا الشعر ؟
لم يرد أحد ، وشعر هو بزهو ثم شرح المعنى بثقة ، وهو يضبط اللاسة حول عنقه : كل : تعب ….متنى : كتفى
تبادل الطلاب نظرات دهشة ، فيما نظر عبدالباقى ، بفخر ، إلى ساعته القديمة وتوجه ، بسرعة ، ليعلن جرس انتهاء الفسحة. وقف الأستاذ عطية ناظر المدرسة بخيرزانته الرفيعة بجانب الصارى يضرب على مؤخرة الطلبة المتلكعين .
– تحرك يا سمج منك له .
صعد مدحت فى هدوء ثم دخل الفصل ، فتح حقيبته الصغيرة فوجد قطعة نوجة. أكلها باستمتاع ، لم يسأل نفسه ،هذه المرة، من وضعها؟! ، لكنه فطن أنها تلك الفتاة التى تدعى منى فاروق ، والتى سألت زميلته عنها فى الفصل : منى فاروق قريبتكم ؟
– لا ..لا ..
وحين دخلت لم يكن يعرفها ، وقابلها زميلاتها بنظرة مستغربة ثم أفسحن المجال !. منى قصيرة ،عيناها سوداوان وواسعتان ، حواجبها كثيفة ،أنفها عادى ،وفمها واسع، زيها المدرسى الأزرق يشى بفقر أسرتها ا ،فالقماش من نوع رخيص .لم تكن ساحرة كرانيا التى أراد التواصل معها عبر نادية ، مرسال الحب كما يكنونها ،قالت كأم حنون : هى وهشام صابر على علاقة ، وينوى خطبتها قريباً . أحبط كثيراً ،وعاد لمنزله حزيناً .أما منى فهى لا تناسب ذوقه ،ولا مستواه الإجتماعى. كانت تجعله يشك فى جماله وتفوقه !. بعد رانيا وجد فى نفسه ميلاً لفتاة أخرى تدعى شيرين لكنها سرعان ما ابتعدت عنه !.فهو حبيب منى وقريبها أيضاً ! . عند عودته من الفسحة، هذه المرة، لم يجد لا النوجة ولا كتاب الإنجليزية ، اللغة التى يعشقها .ففطن سريعاً إلى أن منى وراء اختفاء الكتاب . لكن ماذا تريد الفتاة ؟ لا بد من حيلة لإستعادة الكتاب . وفى اليوم التالى ، وبينما مدرس الجغرافيا مستغرق فى شرح إحدى الخرائط ، استأذن فى الخروج للحمام .صعد الدور الثالث بثقة وطرق باب فصلها .
– ممكن أكلم منى فاروق ؟
فى ثوانى كانت أمامه وهى قمة فى السعادة .
– كيف حالك منى ؟
-تمام ..تمام
– كتاب الإنجليزي، بعد إذنك ،، عندى درس مهم ،
دخلت ثم عادت ،بكل بساطة ، ومعها الكتاب !.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى