الكتابة مطر
د. ناديا حماد
إنها بحث مستمر عن المعنى في بلادٍ يمكن أن يتحوّل المرءُ فيها إلى أسدٍ أو شجرة،
حيث لاحدود للهوية المطلقة،
وحيث الثقافة المحليّة لاتقيم حدودا للطبيعة..
ففيها يتمازج الإنسان مع هذه الطبيعة ويشكلان كلّا واحدا …
يمكننا أن ننسجَ هنا علاقة أبوّة مع الأشجار والأنهار.
فتكون الكتابة طريقةً مُثلى لترتيب عالمنا الداخلي..
وسبيلاً إلى إضفاء معنى إلى ما نجهله بدل أن نعاديه ..
لتكون الكتابة عندئذ أقرب إلى المطر حين يضيء السماء …
تختار الكتابة لغتها منذ البداية، ومعها المفاتيح والمتاهات والألغاز، والتي هي نافذة على الشخصيات وعلى الزمان والمكان..
ومن اللغة نشتمُّ رائحةَ المطر وعودةَ الغائب، وفرحَ الأطفال …
يقوم قطار الكتابة بقطع المسافة اللازمة حتى تستعيد الذاكرة ما تسمح به
لأنّ الذاكرة هنا تفعل ما تشاء، تستحضر وتنسى، تُهمل وتَقص، تستعيد وتَمنح نفسها لمن تثق به …
الكتابة إذا رحلةُ بحثٍ دؤوبٍ عن ذلك الضوء الهارب، إنّها بحثٌ عن المعنى والذي هو غذاء لروح الأفراد والشعوب.