أدب

أوراق الخريف.. أحلام طبيب (٥)

بقلم: شرين خليل 
لا تُريد السفر والإبتعاد عن أهلها.. فهي…لا تستطيع العيش والحياة بدونهم …
ونصحني قائلاً: يادكتور وليد في ناس مش بتحب الغربة وممكن لو رهف جات يحصل بينك وبينها مشاكل لأنها نفسياً مش هتكون كويسة … عموماً أنا حاولت أقنعها كتير وهي رافضة إنها تسافر لك ..بس أنا طلبت منها أنها تتكلم معاك وتوصلوا مع بعض لإتفاق…
ولو احتاجتني في حاجة أنا موجود …
-أشكرك جداً….
جلست أفكر فيما قاله لي…
أنا في حيرة من أمري…
هل غدرت بي؟
قدمت لها كل الحب والخير وقابلتني بالغدر …
أشعر بدوار …رؤية
مشوشة ….خفقان في القلب…
يدي ترتعش …
أنا أحتاج إلى طبيب …
ونسيت أني الطبيب.. وضعت يدي على قلبي حتى يهدأ وعالجت نفسي بنفسي فأنا المُخطئ وسأتحمل نتيجة خطأي…
تناولت بعض الأقراص المهدئة وغُطت في سُبات عميق….
لم أستيقظ إلا في اليوم التالي …
ذهبت متأخراً إلى العمل ..
خطواتي ثقيلة وطيلة الوقت صامت ..أعمل في صمت…مجرد كلمات بسيطة مع المرضى …
أحاول جاهداً أن أخفي ما بداخلي من آلام …
يُحاوطني الإكتئاب من كل إتجاه …
كالطير المجروح الذي لايستطيع التحليق في السماء كلما طار سقط مرة أخرى…
وتراودني الأحلام المفزعة … نفس الحلم القديم ….
أوشكت على الإنهيار …حتى وجدت رسالة من طارق يطمئن عليّ ..
اتصلت عليه وأخبرته بكل ماحدث …
وكان رده عليّ: ماتخافش ياوليد أنا جنبك ومش هاسيبك وأي حاجه هاتحتاجها أنا معاك وهاقف جنبك أنا كنت شاهد معاك على كل حاجه …أنا هاروح لأهل رهف واتكلم معاهم وأحاول أعمل حاجه أساعدك بيها..
ماتقلاقش ياوليد أنا معاك …
خفف عني طارق وشعرت بإرتياح فهو حقاً نعم الصديق…
ومرت الأيام وأنا في إنتظار رد طارق …
وجاء الرد الذي دمر ماتبقى مني من أمل ..
لم يستطع طارق أن يتحدث معي وأرسل لي رسالة اختصرت كل شئ:
صديقي العزيز :
من البداية وأنا كنت معترض على هذه الزيجة ولكنك كنت متمسك بها …وتعتقد أنك تُحبها ..يؤسفني أن أقول لك أنها لا تستحق هذا الحب والتقدير والتضحية…
لا تحزن على من تركك ..فلن يجد مثلك ..
أخلصت ووفيت بوعودك وتنازلت ولكن مع الناس الخطأ…
رهف تُريد الإنفصال وتُريد أن تأخذ كل شئ الشقة والمال ..
هذا هو تفكيرها وهذه حياتها ..هي لا تعرف الحب ولن تعرفه …
صديقي العزيز مرة أخرى لا تحزن على من لا يستحق…
واعلم أنك ستجد من تستحق هذا الحب الذي بداخلك …
أرجوك ياصديقي لا تحزن …كنت أتمنى أن أكون بجانبك في الغربة ولكنها الظروف وبرغم المسافات فأنا جنبك بقلبي ولن أتركك ….
صديقك المخلص :طارق …
قرأت الرسالة وأنا لا أصدق أن حلم حياتي أنتهي… أحتاج أبي لأحكي له وأقول له سامحني … وأمي لأبكي في أحضانها …
أرسلت لطارق رسالة وطلبت منه أن يذهب لأبي ويحكي له ماحدث .. فأنا أشعر بالخجل من أبي بسبب عصياني له وتمردي عليه …
وذهب طارق وأخبر أبي وأمي وإخوتي بما حدث…
لأجد أبي يتصل بي ويقول :
أنا معاك يابني ومش هاسيبك حتى ولو كنت غلطت فأنا بجانبك وهاجيب لك حقك..
-يعني مسامحني يابابا ..
-مسامحك يابني…
وهاروح للناس دي وأشوف الحل معاهم إيه …
– أنا هانزل يابابا مش هاسيبك لوحدك..
– لا يابني خليك عشان شغلك ومستقبلك والموضوع هايتحل .. ماتقلاقش…
ذهب أبي إلى أهل رهف ليتحدث معهم بالمعروف وكان معه صديق له….
حدد معهم موعد وذهب إليهم،
وعندما دخل أبي وجد في انتظاره :
رجال غرباء في الشكل والطبع وطريقة الكلام …
يجلسون مع والد رهف…
كلما تكلم أبي رد عليهم أحدهم بغلظة ..
وتطور الأمر إلى إهانة أبي وصديقه …انسحب أبي سريعاً حتى لا يحدث أكثر من ذلك فهو أدرك أنه فخ للتعدي عليه بالألفاظ الجارحة وتخويفه حتى لا يُطالب بحقي …
عندما علمت بذلك جن جنوني وتركت عملي وعُدت مسرعاً إلى بلدي لكي أواجه مشكلتي بنفسي فلن أضع أبي في موقف مُخزي مهما كلفني الأمر …
وبدأت الحرب مع رهف وأهلها …الحرب التي لا أعلم لها سبب سوى الطمع والجشع وحب المادة …
أين الحب الذي حلمت به معها؟ لم يكن حباً، بل كان وهماً…
عشت في دائرة من الوهم ومشيت وراء السراب ..جذبني البريق كالفراشات التي يجذبها الضوء وفي النهاية احترقت …
وتبخرت …
لم يكن حباً بل كان وهماً….
خدعتني عيناها بسحرها الكاذب …
براءة مصطنعة …
قلب زائف لا يعرف الحب …
لا يعرف الوفاء …
هل كنت أنا الضحية الوحيدة أم هناك ضحايا غيري؟؟
ذهبت إليها لكي أفهم منها ..رفضت مقابلتي وتركت لي رسالة أننا سنلتقي في المحكمة وسيفصل بيننا القضاء …
ضحكت بسخرية فشر البرية مايُضحك..
القضاء!! هل أنا مُتهم؟ هل أجرمت عندما أحببتها وأعطيتها كل ما أملك؟؟ ..
تخيلت أنها تمزح ولكنها كانت صادقة لأول مرة في حياتها تصدق في تهديداتها…
وماكان عليّ إلا أن أستعين بمحامي ..لنبدأ مرحلة أخرى لم أتوقع أنني سوف أعيشها …
بدلاً من الحياة السعيدة مع زوجتي ..سنتقابل في المحكمة …
وكأننا أعداء …
بدأت البحث عن محامي ووجدت محامي أشاد الجميع بمهارته وذهبت إليه وأعطيت له كل الأوراق التي تثبت ملكيتي الشقة ومعي شهود …
وبدأت الجلسات …
وتحددت أول جلسة …
وكانت المفاجأة…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى