أدب

بلاغة النص الحواري..”النمور في اليوم العاشر” لزكريا تامر

بقلم: سفيان مغوز

تعد بلاغة الحجاج، من أهمّ المناهج التحليلية التي تهتم بدراسة الخطاب الأدبي، وقد قسمت إلى ثلاثة أقسام رئيسة: اللوغوس، الباتوس، والإيتوس. يندرج نص “النّمور في اليوم العاشر”، لزكريا تامر، ضمن النصوص الحوارية التي تعتمد على الحوار كأداة رئيسَة لتمرير دعوى مضمرة في النص السردي الحواري.
سنحاول في هذا المقال، تحليل النص من منظور بلاغي، مع التركيز على تقنيات الحوار المستخدمة، وأثرها في إيصال الدعوى.
أين تنجلي بلاغة النص الحواري؟

يُعد نص:”النمور في اليوم العاشر”، نموذجًا للبلاغة الحوارية، حيث استخدم زكريا تامر الحوار كأداة لنقدِ الواقع السياسيِّ والاجتماعيّ. فظاهر النص حوار دار بين النّمر والمُرَوِّضِ، كوسيلة لتجسيدِ الصّراع بين القُوّة والضّعف، بين الحاكم والمحكوم.
تتجلى بلاغة النص الحواري، في توظيف الكاتب، لجملة من الاستراتيجيات الحجاجية، فقد ظهر اللوغوس في الحجج التي يقدمها المُرَوّضُ لتلاميذه، مثل قوله: “إذا أردتم حقًا أن تتعلموا مهنتي، مهنة الترويض، عليكم ألا تنسوا في أيّ لحظة أن معدة خصمكم هدفكم الأول”. هنا، يستخدم المُروض المنطقَ لإقناع تلاميذه بأهمية الاستراتيجية، والذكاء، والحِيلِ في التعامل مع الخصم. أما فيما يخص تقنية الباتوس، فتتمثّل في ردود أفعال النمر العاطفية، مثل قوله: “لا أحد يأمر النمور”. هنا، يُظهر النمر عِزَّتَهُ وكرامَتَه، مما يجعل المتلقي يشعر بالتعاطف معه.
ويرزُ الإيتوس، وهو محاولة إقناع المتكلم المتلقي، انطلاقا من إظهاره لحكمته، وخبرته، وأخلاقه، ويظهر في هذا النّص، في شخصية المُروّض، الذي يُظهر نفسَه كصاحب سُلطة وخِبرة، ويستخدم هذه السلطة لإخضاع النّمر، وتعليم وتدريب تلاميذه.
ولهذه الحجج، حسب هذا النّص الحواري، وظائف عديدة، لعلّ أهمها:
– إثارة مشاعر المتلقي، سواء كانت مشاعر غضب، أو تعاطف، أو أسى.
– تجسيد الصراع بين القوّة والضّعف، بين الحاكِم والمَحْكوم.
– نقد الواقع السّياسي، والاجتماعي، حيث تُظهر كيف يتمّ استغلال السّلطة لإخضاع الآخرين.

نستخلص مما سبق، أن نص: النمور في اليوم العاشر، لصاحبه، زكريا تامر، نصّ حكائي، حواري، بلاغي بامتياز، تكمن بلاغتُه في تمرير الكاتب، لدعواه، المتمثلة في المجال الاجتماعي، وبالضبط، قضية الصراع الطبقي، أي إن القوي، يأكل الضّعيف، فهو ينتقد الظلم الاجتماعي والاستغلال الذي يُمارَس على الفقراء.مستندا في ذلك تقنيات بلاغية منطقية، وشبهَ منطقية، منها ما يخاطب العقلَ، ومنها ما يثير مشاعرَ وأهواء المتلقي، من خلال الرمزية المضمرة بين الأطراف المتحاورة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى