
تامر محمـد عـزت | القاهرة
(العثور على جثة نجم شهير وسط شبهات حول انتحاره) .
في ليلة ضبابية بمدينة هادئة، حيث يُعثر على آدم المنصور،الممثل الشهير ، جثةً هامدة في مكتبه المغلق من الداخل بجانبه مسدس، ورسالة وداع مؤثرة بخط يده، نافذة مغلقة بإحكام. أعلنت الشرطة فورًا أنها حالة انتحار واضحة نتيجة الاكتئاب، لكن ” محمد عبد المنعم ” الرائد لم يكن مقتنعا في باديء الأمر لهذا الانتحار الذي لم يكن له أسباب معلنة، والذي أكد له صديقه ناصر كمال هذه الفكرة إذ كان في مقابله معه في نفس اليوم الذي لقي فيها حتفه قبلها بساعات ولم يكن هناك أي شيء يدعو لهذا الأمر!.
وبعد عدة أيام التقى ناصر كمال بالرائد محمد عبد المنعم في مكتبه بمركز الشرطة وأخبره أن لديه شك عميق في وفاة صديقه النجم، حيث أخبره أنه قُتل ولم ينتحر وأنه لاحظ غياب ساعة اليد من معصمه الأيمن التي كانت باهظة الثمن وأنها مرصعه بالألماس وكان فرح بيها جدا. فكيف ينتحر؟ الأمر لغز كبير وأن الحادثة ليست قتل فقط بل سرقه أيضا وأن أصابع الاتهام تشير إلى رشاد.. الخادم الذي يعمل لديه وغيابه الواضح في هذا اليوم.
أطرق الرائد عبد المنعم في صمت.. حيث استعاد الأحداث منذ بدايتها، رشاد ذهب إلى منزل النجم العازب في بيته، فوجده جثة هامدة فوق المكتب، بجواره رسالة مليئة بالندم والحسرة والاكتئاب على طلاقه من زوجته وأنه يعيش أسوأ حالاته، ويحاول أن يشغل رأسه بعمل فني جديد، وأن يبتاع كل ماهو ثمين لإرضاء ذاته.
يذهب البحث الجنائي لمكان الجريمة ويجد مسدس بجواره وعليه بصماته وموجهه فوهته إلى رأسه. إذن أين الخلل في هذه الأحداث المتسلسلة؟ هكذا حدثته نفسه.. وأثار الشك مرة أخرى الكاتب الشاب ناصر كمال، والذي كان في إثر تعاون فني سويا!
هناك حلقة مفقودة وأين تلك الساعة الباهظة الثمن؟ والذي نفى رشاد برؤيتها وأن الأستاذ لم يخرج من البيت منذ أسبوع قبل وفاته. ربما اشتراها أون لاين أو لوصاية أحد الأصدقاء!.
انتشر خبر وفاة الفنان عبر السوشيال ميديا وسط تكهنات وثرثرة والكثير من الشائعات.. ولكن لفت انتباهه شيء غريب حرص من خلالها على أخذ خطوة إيجابية.
بعد التحري الشامل لمنزل الفنان.. تبين من خلال الكاميرات أن لا أحد غادر العمارة التي يسكن فيها الفنان ولا صديقه.. إذ أن صديقه الكاتب يسكن في الدور السابع فوق شقة الفنان بدورين.. وأن الحياة في العمارة والشارع سارت بشكل طبيعي خلال الساعات المقبلة من واقعة ضرب النار.
هل هي حالة انتحار بالفعل؟
وأننا نسير في خطوط وهميه؟
كان الرائد يتكلم بصوت عال مع نفسه إذ قال بعدها لنحاول.
(تم إلقاء القبض على الكاتب الشاب ناصر كمال متهما إياه باغتيال النجم الشاب)
تصدر هذا العنوان كل الصحف الإليكترونية وتناقلت الأخبار عبر السوشيال ميديا كالنار في الهشيم.. وتبين أن شك الرائد محمد عبد المنعم في محله.
إذن من النيابة لتفتيش منزل ناصر كمال ليجد الرائد خلال اللاب توب فيديوهات في ملف يحمل اسم ( الدليل المزيف)
فيديو (1)
جلس كمال أمام آدم وهو جالس على مكتبه يحكي معه فيلمه القادم وأن البطل في حالة يأس وقنوط.. ولابد من أن يتعايش ويندمج مع الشخصية فطلب ناصر منه كتابة رسالة فيها كل شجونه وآلامه ثم أخرج من جيبه مسدس أخبره أنه فارغ.. بلا رصاصات.. وعليه أن يمثل حالة الإعياء.. وبعد أن كتب رسالته.. وجه فوهة المسدس وأطلق عدة ضربات بعد الضربة الرابعة انطلقت الرصاصة وخر صريعا في الحال.. لم يتفاجأ كمال
بل أخذ عدة صور له ثم تناول الجوال الذي أخفاه وهرب.
فيديو (2)
يظهر ناصر كمال بوجهه وهو يقول:
بداية روايتي ( الدليل المزيف) عن قصة حقيقية، بطلها نجم سينمائي وتلفزيوني، رغم المجد الذي وصل إليه إلا أنه انتحر في النهاية، وسيكون موثقا بالفيديو
فيديو ( 3)
كمال يتحدث:
ذهب إلى الرائد محمد عبد المنعم وأخبرته بسرقة الساعة المرصعة بالماس التي لم تكن لها وجود من الأساس، اعطيتهم خيوط وهمية وأشاهدهم وهم يعبثون في الظلام
( ضحكات هيستيرية)
فيديو ( 4 )
الرواية على وشك الانتهاء.. وأن بعد التأكد من خلال الشرطة أن لا يوجد متهم… ستقيد الحادثة على أنها محاولة انتحار ولكن في روايتي… كنت أنا القاتل الخفي.. امممم.. ما رأيكم؟ القاتل المجهول.. أو القاتل الخفي.. الذي يقتل دون إثبات أو دليل
( ضحكات جنونية وهيستريه ).
تساءل الرائد محمد عبد المنعم الطبيب النفسي : لماذا فعل القاتل ذلك؟
أجاب الطبيب:
أرجح أنه مريض بـالنرجسية: يرى نفسه أذكى من القانون ويريد التلذذ بمشاهدة الشرطة وهي تتبع خيوطاً وهمية وضعها هو.
وبالرغم من ذلك ترك أثراً لا يمكن إخفاؤه، فقرر صبغ هذا الأثر بصبغة “جريمة قتل” ونسبها لغيره بدلاً من تركه ليكون دليلاً ضده لاحقاً.
أما ما جعل الرائد يشك فيه فيه هو منشور على الفيس كتب فيه :
قريبا.. جريمة قتل خططت لها ونفذتها.. ولكن على الورق.. ترقبوا جريمتي القادمة.. أأأقصد روايتي القادمة ( ايموشن ضحك).
***
اقترب الرائد بناصر في غرفة التحقيق، حيث يبتسم ناصر بريبة ويقول:
“حتى اعتقالي يا سيادة الرائد.. كان الفصل الأخير في روايتي”
***
(مشهد سابق)
أطبق الرائد “محمد عبد المنعم” شاشة اللاب توب في هدوء، التفت إلى الطبيب النفسي قائلاً:
“لقد كان يظن أنه المخرج، وأننا مجرد كومبارس في روايته.. لكنه نسي أن الواقع لا يقبل المسودة، والرصاصة التي تخرج لا تعود للورق.”
****
خلف القضبان، كان ناصر كمال يمسك بقطعة فحم صغيرة، ويرسم على جدار زنزانته عنواناً كبيراً: (المرشد: الفصل الأخير).. ثم انفجر بضحكته الهيستيرية التي لم تعد تثير الإعجاب، بل الشفقة.



