سوزان ستيتكفيتش وترنيمةُ عشق لآداب العرب

صبري الموجي| مساعد رئيس تحرير الأهرام وباحث بجامعة عين شمس

  للأدبيات شأنٌ عظيم عند عامة الإفرنج، بيد أنها من أنجع الوسائل لتدريب الناشئة، فيفرضون علي الطلبة حفظها، ويروضونهم علي فهمها وتحليلها، والنسج علي منوالها، وليس هناك أثري بالأدبيات نثرا وشعرا من تراث العربية، ومن ثم ألفينا سلسلة طويلة من المستشرقين ترد هذا المورد العذب، وتدلي فيه بدلائها لتنهل من معينه الذي لا ينضب؛ طمعا في أن تروي ظمأها للعلم والمعرفة، ومن هؤلاء المستشرقين الذين شغفوا بتراث العربية، وغاصوا في لجج بحارها، واستخرجوا من كنزها الثري لآلئ وأصدافا تحار لها العقول آل ستيتكفيتش.. فها هو المستشرق الأمريكي ذو الأصل الأوكراني ياروسلاف ستيتكفيتش المولود 1929ينشغل بالغنائية العربية الأصيلة، ولكي يكشف سرها، وتُسلمَ له القياد عكف زمنا طويلا علي دراسة الشعر العربي، والاستيطان في عدة مدن عربية؛ ليتعرف على تاريخها وثقافاتها الحـديثة والـقديمة ومثقـفيها المعـاصـرين، والوقوف علي أطلال الماضي، شأنه شأن الأسلاف لتبوح له بأسرارها، وعلي أثره انتهجت زوجته المستشرقة الأمريكية ذات الأصل الأوكراني أيضا د. سوزان ستيتكفيتش النهج نفسه، حيث وصلت ليلها بنهارها تدرس الأدب العربي عامة وأدب رهين المحبسين الشاعر الفذ (فلتة زمانه) أبي العلاء المعري بصفة خاصة ، فكان لها مشروعٌ مُتميز في دراسة لزومياته، يعتمدُ علي التحليل الصوتي، استطاعت من خلاله أن تثبت فحولة ذلك الشاعر في ابتداع القافية ابتداعا يثبت صحة قوله عن نفسه : وإني وإن كنت الأخيرَ زمانه …لآت بما لم تستطعه الأوائل.

ومن المعروف أن د. سوزان ستيتكفيتش باحثة أمريكية ولدت في السابع والعشرين من أبريل عام ١٩٥٠م، وحصلت علي درجة البكالوريوس في تاريخ الفن من كلية وليسلي 1972م، وعلى درجة الدكتوراه في الأدب العربي القديم من جامعة شيكاغو 1981م.

ولأنها وجدت في الأدب العربي بُغيتها، وريا لعطشها المعرفي، عكفت علي دراسته في جامعة إنديانا بلومينجتون قرابة سبع عشرة سنة، امتدت من 1986: 2013م.

وقد ساعدتها تلك الفترة الطويلة من الدراسة لتراث ثري أن تظفر بزاد معرفي وثروة لغوية وأدبية، مكنتها من أن تصنف مصنفات رائدة، وتكتب مقالات متفردة، حصدت بها العديد من الجوائز والتكريمات،  كما شاركت في العديد من المحافل الثقافية، التي كانت فيها ملء السمع والبصر بحضورها الطاغي وأوراقها البحثية المتميزة، تلك الأبحاث التي تدل دلالة واضحة علي أن د. سوزان ستيتكيفتش باحثةٌ من طراز فريد.

ومن تلك المحافل مشاركتُها في ندوة عُقدت بقسم اللغة العربية بكلية الألسن جامعة عين شمس حول شعر أبي العلاء المعري، ناقشت خلالها مشروعها المبرمج لدراسة لزومياته، أذهلت خلالها الحضور أساتذة وطلابا بحضورها الطاغي، ومادتها الثرية وانسيابية العرض، وهو ما ستكشف عنه الأوراق التالية.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى