تجاعيد الماء (41).. هكذا تحدثت جدتي 2

سوسن صالحة أحمد | أديبة سورية – كندا

أذكر أن جدتي وضعت يدها على جبيني، تمتمت بكلمات لم أفهمها حينها، كانت قد علمت أن الوردة عرفت اللون الأحمر!
من بعدها أوصت أمي أن تكرر مافَعَلَتْ، وقالت لها: لاتبرحي حتى تأمني أن التعويذة لبستها، فلا يأكلها ذئب غريب.
قالت أمي تفسر لي: اللون الأحمر فيه مايغري الذئاب أن تأكل الصبايا، لذا نحملها هذه التعويذة وصية ورُقية من شر كل ذئب.
من يومها وأنا أرى الصبايا محصنات ضد شيء لم أفهمه، وكلما خاطرني السؤال، كانت الإجابة سابقة له، حين تكبرين تفهمين وليس من المفروض أن تفهمي الآن.
الكبار دوماً على صواب، هكذا علمونا، ومن نوقش السؤال وُصِم.
حين كبرت وفهمت، وفكرت، كانت التعويذة قد فعلت فعلها، حتى فيهم، درجة تصديقهم أنهم ذئاب بل عليهم أن يكونوا.
وحين كبرت أكثر، وكبروا، وفهمنا، لم أجدهم جميعهم ذئاب، ولم أجدنا جميعنا حملانا، كانت تعويذة فاسدة فأفسدتنا و أفسدتهم، ظلمتنا وظلمتهم.
على أن ما زال منا ومنهم الكثير يعتقدون أنهم ذئاب وحملان! .
لاغنى لنا عن بعض، فلنؤمن ونعيش، إما ذئابا، أو حملانا، مع بعض، والأجمل والأجل، أن نعيش فراشات ليس لها إلا فضاء الصدق سبيلاً لتكون، وتقي نفسها شر كل التعاويذ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى