قلبي الذي لم يحبه أحد

غادة عزيز | سوريا

أذكر أنني امرأة قصيرة
بملامح طويلة من الأحقاد
تخيط قوس قزح
وتبكي من العمى الذي يلون دروب العشاق
نصفي الماء
ونصفي الآخر
يُتم تجيده الحواس
حين يمدح سر النبات
وهو يستقي من السراب.

وأذكر أني امرأة ملوثة بالحبر
والأكثر شيوعا في الغياب

أذكر أني أشرب الماء
وأتعود الشوك رداء
فهل حرك النهر الماء؟
لأتساقط من التخوم
في يقظة شغف طائشة
سمعتها من رجفة الأشجار
تفيض بعطر ما مضى
يغربل السفر أغنيتي من الألحان.

 

أنا امرأة بقوام قصيدة
في مواعيد دافئة
أرتب ما تبقى من جنوني
فوق أهداب السماء
أقول لوجهي كلاما يساوره العشق
وكم أشتهيني صغيرة
لأدوس على اللفظ
تحت سقف من التوقع لعبور الظلال.

أنا امرأة كئيبة
بشَعر جميل
أكثر هشاشة من خبر ملتهب
أكتب الأحزان ترابا وماء
على وطن من ضباب
وغالبا ما أجر المساء إلى الجدار
لألون الهموم والرمال
بأحاديث خاطئة
تنفي عني رعشة امتلاكها
عند احتراق النهار.

في المدينة الملونة برماد دموع
أتصفح حياتي
بين سؤال….
وإجابة تهرم في الرصيف
أجمل الأغاني برموز
تهزم الوجوه التي تحمل الموت
فهل من يغلق بابها هذي الرياح؟
كثيرة هذه الأصابع التي تنوح
و تخدش الحلم حين أنام.

كم على قلبي قسوت
كم دحرجته رياح
كم كان الفقد يفضح عمق الفؤوس
لمن كل هذه المقاعد ؟
وأنا في حدوثي قد بكيت
فكيف لي أن أعيد الغناء
وقد علقت أوردتي
لفعل التشهي ونحت الجروح
لأذكر نفسي بأني دون روح
وقلبي شبه طيف
يذكرني فجأة بالشتاء
بذلك اللحن المباح

على وجهي الذي لم يحبه أحد
أطلق سراح مدونات الرياح
كلوحة في الجدار
تهيم بالجهات
يصفق الماء لصوت من أحب
كان البئر شحيحا وقتها
والخمر طليق في الدنان
يغطي ندوب الخيانات
هذه الأرض ليست على مايرام
كأني صورتها في العماء
قصير هو الحلم
كعمر الحب والفراشات

لكم تدهشني
تفاصيل ذكرياتي
قلبي القديم
ووجهي الذي لم يحبه أحد
أسماء وأغنيات
والصدى الذي يقيس ما ذرفته من ضحكات
فأضحك!
أضحك كثيرا بفرح يشبه لون البكاء
بقدر ما تتألم المنافي
وخرائط الخراب في البلاد.

في ذاكرتي قائمة تطول
ضفاف ورسائل منتحرين
أطلق من سقف الكلام
شيئا يشبه زرقة الألوان
لأحرك دفة العشق دون انتباه
وصمت حنان يملأ الفراغ بالذنوب
وجسدي الذي لم يحبه أحد
سقط سهوا
في كمين السراب
وصيا كان على سرب الغزال

الحب روايات
وشارع معبد بالإحتمالات
على هامشه أقف
ها أنا في الوهم أجمل
بلقطة خارج المشهد
أرتب الفصول بلغة بسيطة
أضمر للشتاء
حزن المواقد
بأصدق اليتم والندم
أحمل وجهي
تبكيني كلمة
لبداية تفحمت في ذاكرة النسيان.

على مهله يمر الحب
على عجل يجيء
يتدلى فوق الماء
أرهقه الخمر والحزن
يطلق من سقف الغناء ألحانا
أحاول ترتيبها بعناء
وأقول؛ ان اصل الغناء ماء
فارفعوا عنه وصاياكم ليصعد اللحن للسماء
ولايعود من الظلمة صفر العينين
حين يقرأ سفر الكلام

لاشيء في وجهي
يشبه الحب
وجهي الذي لم يشبه الوجوه
يكتب تمتمات القصيدة
يمزق أوراقها العاريات
يعيد اختراعها
فتستعبد الكلمات
مجازها البطيء
تقفز مسافة ممنوعة
في احتراق النهار
يصعد إلى نفسه خاسرا
يرفع الصوت بالغناء
يدون الظل حارسا لشؤون المكان
ووحدي الآن بقامة ما مضى
أحرس جدار الكلام
وقلبي
قلبي الذي لم يحبه أحد
وحيدا في ولائم الخراب.

قلبي منديل على مدى
يذكر الأوراق بالأمطار
في أي وقت
يمر عليه الحب
يبصم بالشمع على القناع
يعيد الغناء
بأفكار طارئة
على سلالم من ثلج العلاقات
ولا شيء في وجهي
يشبه الحب
إلا الفجيعة التي تنام
بقرب ذاك البياض اليتيم،
لو كنت أعرف أن العمر ضيق مثل حذاء
كنت علقت منشفة للبكاء
على موت يشبه النثر في الصلوات
فهذا الفراغ بين حزنين
يمشي ويسبقني
قرب الغيم يكتبني
منسي هو قلبي
قلبي الذي لسنين طوال لم يحبه أحد
بعيد جدا كقطرة ماء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى