أدب

أوراق الخريف.. أحلام طبيب(٥)

شرين خليل | مصر

قررت أن أبتعد عنها لفترة حتى تشعر بأنني جاد في كلامي وأستطيع تركها في أي وقت ولن أخاف من تهديدها لي …
وفي نفس الوقت بداخلي حزن عميق وانكسار …
وكأن فوق صدري صخرة تقتل أنفاسي وتهشم روحي …
وتحولت أحلامي إلى أحزان…
مرت أيام وأنا أعمل في صمت وأُرهق نفسي حتى لا أفكر في شئ…
اليوم يمر وكأنه عام …
أيام ثقيلة …فأنا
تائه، حزين، منكسر، ومنتظر …
منتظرها تأتي ولو في الأحلام …
انظر إلى الهاتف وكلما دق جرس الهاتف، يدق قلبي شوقاً ولهفة..
حتى أرسلت رسالة تُعاتبني فيها وتقول:
لم أكن أعلم أنك بهذه القسوة …
انتظرتك كثيراً ولكنك أهملتني ..
من الواضح أنك وجدت أمرأة غيري …
أبي معه حق عندما قال لك أنك ستنساني وتتركني بعد سفرك …
كنت أتمنى أن يكون حبك لي صادقاً ووعودك أيضاً ولكنك خذلتني ..في أول خلاف بيننا انسحبت بسهولة ولم تتمسك بي …لم تحاول أن تفهم وجهة نظري ومايدور بداخلي ولم تقدر شعوري وإحساسي فأنا بداخلي طفلة صغيرة بريئة، إحساسي مُرهف ومشاعري صادقة، بيضاء مثل الحليب وصافية كالسماء، عندما تُحب لا تكذب ولكنها تخاف الفقدان..
من الصعب عليّ أن أسافر وحدي فأنا أحتاجك بجانبي تأخذ بيدي والعالم كله يعرف أنك زوجي …ولكنك لم تفهمني..جرحتني بطريقتك القاسية وتهديدك بالفراق …
أشكرك على هذا الموقف الذي كشف لي الحقيقة…أبي ينتظرك تتحدث معه حتى ننهي كل شئ كما تُريد ..
رهف…
تعجبت من كلامها ..المفترض أن أقول أنا هذا الكلام …
الغريب أن قلبي بدأ يهدأ وهزمني الحنين …
واشتاقت لسماع صوتها وبمجرد سماع صوتها نسيت أحزاني ووجدت نفسي أقول لها: رهف أنا مقدرش أعيش من غيرك أنا هانزل وأعملك الفرح اللي نفسك فيه بس اعملي حسابك هاترجعي معايا على طول ..أنا هانزل أجازة بسيطة كمان كام شهر ، صعب أنزل دلوقتي وهابعت لك كل الفلوس اللي محتاجاها عشان تجهزي كل حاجه وهانزل يومين نعمل الفرح ونسافر تاني يوم على طول …
موافقه …
-طبعاً موافقه ..
ايوا كده إنت كده تبقى بتحبني بجد وعاوزه أقولك إن بابا بدأ تشطيب الشقة وخلاص هانت وهاتبقى أجمل شقة وهانفرشها أحسن فرش عشان تليق بالدكتور وليد …
-أنا كل اللي يهمني إنك تكوني معايا ونعيش سوا في هدوء وأحقق أحلامي ويكون عندي عيادة كبيرة وأنفع الناس وأبقى دكتور مشهور..
-أكيد طبعاً.. أنت بس ركز في شغلك …
-طيب باباكي فين عشان أكلمه..
-بابا نام أصله بيروح الشقة يتابع العمال وبيجي تعبان..
-كنت عاوز أكلمه …
-ماتقلاقش أنا هاكلمه واقوله إننا اتفاقنا وهو مش هايقول حاجه بالعكس دا هايفرح جداً.. أنا هاسيبك عشان خارجه…
-خارجه ؟؟
-أيوا رايحه عيد ميلاد دعاء صاحبتي …
-بس الوقت متأخر…
-وإيه المشكلة أنا متعوده على كده ..
-بس إنتي دلوقتي غير زمان …
-بقولك إيه بلاش الأفكار القديمة بتاعتك دي …
-عشان خايف عليكي أفكاري بقت قديمة ..
-شوف بقى أنا خارجه يعني خارجه وبلاش نتخانق تاني أنا ماصدقت اتصالحنا هاتعمل مشكلة تانية..
-إنتي اللي بتعملي مشكلة مش أنا …
-بتهيألي أنت لما خطبتني كنت عارف طبعي وطريقة حياتي…
-أيوا خطبتك وعندي أمل أنك تتغيري وتغيري طريقتك المتحررة دي …
-قول بقى إنك عاوز تتحكم فيا..
-مش تحكم بس إنتي خلاص في حكم المتزوجة ولازم يكون عندك إحساس بالمسؤلية تجاه زوجك وتحترمي غيابه قبل وجوده…
-ممكن نأجل المحاضرة دي وقت تاني عشان أتأخرت على عيد الميلاد …
-نأجل؟؟
-أيوا ..سلام ..
أغلقت الهاتف وتركتني وأنا في ذهول من كلامها.
والغيرة تقتلني . .
أنا هنا وهي تخرج في وقت متأخر وتحتفل بعيد ميلاد صديقتها..ووالدها نائم ولا يدري بأي شئ…
لابد أن أنجز في عملي حتى تكون معي هنا وأغير طباعها…كظمت غيظي وبدأت اجتهد في عملي …
ومرت الشهور وقررت العودة إلى الوطن…
وحددت موعد الزفاف …
واختارت المكان بكامل إرادتها وتم الزفاف وكأنها ملكة متوجة .
لم يحضر أبي حفل زفافي …حضرت أمي وأخوتي كالغرباء …
انتهي الحفل وذهب الجميع …
وتفاجأت برهف ترفض الذهاب معي وتريد أن تذهب مع والدتها بحجة أن والدها مريض…
فهو لم يحضر الحفل ..
لذا قررت الذهاب معها …
وعندما وصلنا دخلت مسرعه إلى غرفة أبيها وأخذت تبكى وتقول له:
أنا جنبك يابابا ومش هاسيبك ومش هاسافر…
أقف بجانبها في صمت شديد، انظر إليها بإندهاش…
والدها مريض ولكنه مرض عادي لا يستدعي منها كل هذا الأمر …
التفتت إليّ وقالت:
أنا مش هاسيب بابا إلا لما يبقى كويس …
رديت عليها بحده:
-إنتي بتقولي أيه .. انهارده فرحنا وهانسافر بكره …
دا اتفقنا سوا …
قولتي لي إنزل إعمل فرح ونسافر على طول وحجزت لك أكبر قاعه وفندق وجايه دلوقتي تقولي كده…
-إنت مش مراعي إن بابا تعبان وبتعلي صوتك قدامه …
لو مش عجبك يبقى كل واحد يروح لحاله…
تدخلت والدتها في الحوار.
-معلش يابني سافر إنت وهي أسبوع وهاتحصلك…
-أسبوع!!! أنتو بتقولوا إيه …
طيب كان لازمته إيه من الأول إني أنزل …
-الظروف يابني حكمت بكده …
-خرجت وأنا في يأس شديد، مُكبل بالقيود، قيود الحب الذي سيطر على قلبي وعقلي وحياتي وجعلني أسير، سجين، مسلوب الإرادة، معصوب العينين ..لم أدافع عن حقي بل رضخت وانهزمت .
اليوم الذي انتظره لأفرح فيه كان بمثابة طعنة في قلبي …
قلبي ينزف، انحبست أنفاسي …أظلمت الدنيا في وجهي ..
سرت هائماً في الشوارع لا أرى الطريق ولا أعرف أين أذهب ..أشعر بإختناق …ضاقت بي الحياة وفي النهاية أخذت حقيبتي وذهبت إلى المطار قبل موعد الطائرة بوقت طويل ..فأنا لا أجد من أذهب إليه .. لا أستطيع إخبار أهلي بما حدث …
حتى طارق صديقي لم أخبره لشعوري
بحرج شديد …
ماذا أقول له …
الجميع كان على حق ..
أنا الوحيد المُخطئ …
ليس أمامي خيار سوى السفر والإنتظار …
لا يوجد طريق آخر ..ولا يوجد حل آخر…
سافرت وانتظرت ولم تأتِ ولم ترد على مكالماتي ورسائلي…
والدتها ترد بكلمتين : رهف مش موجوده …
لا أفهم مايحدث ..
لم أجد أمامي سوى عمها تواصلت معه حتى أضع النقاط على الحروف…
أخبرته بما حدث ووعدني أن يتدخل ويحاول الإصلاح وبالفعل تحدث معها وأخبرته أنها :

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى