قراءة في كتاب: نقد وإصلاح لطه حسين

محمد حليم | العراق
تم نشر الطبعة الأولى من هذا الكتاب عام ١٩٥٦ ، والكتاب الذي بين يدي هو الطبعة التاسعَة لعام ١٩٨٢ ولهذا الكتاب أهمية واضح في النقد العربي كما سوف أطرح ملامح من هذا الكتاب في هذا المقال..

قرأت هذا الكتاب ولا شك أنيّ سوف اقرأه ثانياً وثالثًا ان أمد الله لي العمر ، وقد لا يعلم القارئ الواعي والفاهم من هذا الكتاب إلا أسمه لكن من المؤكد يدرك من هو الدكتور طه حسين…
عند قراءة الفهرس أثارني الفضول الذي يثير أغلب القراء عند النظر لمواضيع الكتاب وذلك الشغف في اتمامه في ذات الوقت ، ولكن بعدما تصفحت الكتاب بتعمق وعلمت من موضوعاته أنه لا يجوز التسرع و…و… وإنما يجب حضور العقل الصارم والصبر من ثم أصدار الحُكم بصورة محيطة بكل الجوانب… وأنا تسرعت وهو قد أسعفني ونبهني أن هذه العجلة تؤدي إلى الفشل والخراب… وكما يعلم القارئ أن هذا هو الاسلوب الأشهر لعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين والمعروف (بالمنهج الديكارتي ، أو المنهج العقلي) .
وأنا لا أستطيع أن الّخص الكتاب في هذا المقال لا لأنه عسيراً أو فيه شيء من الغموض كلا ! لكني أحبّذ أن يُقرأ بتروي ليتفقه القارئ بالوسط الأدبي والنقدي الخالص مع غياب النقد البناء إلا شيئاً منه فالنقد هو الوسيلة المؤدية إلى الإصلاح والتطور .

يطرح الدكتور طه حسين مواضيع كثيرة وقد فاجئنا بأسرار لم نكن نعرفها وقد نورنا وأبصرنا عليها وأنا أقصد بذلك الكتب العظيمة لكُتاب بارزين أمثال الكاتب الألماني أرنست فيكرت ، والكاتب هنريخ بول ، والدكتور محمد كامل حسين ، والاستاذ نجيب محفوظ وغيرهم … وأنا سأُقدم لكم رأي الدكتور طه في القصة التمثيلية للكاتب الفرنسي ألبير كامو (خطأ التقدير) واقتضى الوقوف على أمور مهمة يجب أن لا يقع فيها الكُتاب كما صورها ألبير كامو ! وهذه القصة توجد في ص١٤ من نفس الكتاب.

يدرس الدكتور طه حسين هذه القصة ويؤكد في انها لم تبتكر شيئًا ولم تصور تصويرًا خالصاً للأدب وإنما صورتها تصويرًا توشك الفلسفة أن تستأثر فيه ، ففيم وجدت الأم وابنتها وفيم ماتوا ؟ وما غاية وجودهم وموتهم ؟ وهذه الأيم البائسة التي أقبلت مع زوجها ليستخلصا هاتين المرأتين من حياة الضيق فكانت عاقبت أمرهم موت هؤلاء الثلاث ، وهذا الخادم الصامت الذي لاينطق بحرف إلا هذه الكلمة التي تصور اليأس ، ومن عسى أن يكون ؟ إنه القضاء الذي لا يحفل بالناس ولا بما يلقون من لين وشدة ولا يحفل من حياة أو موت. قد أوجدهم لغير علة ولا غاية…

ويوجد في الكتاب الكثير الكثير من هذا النقد الذي من المُستحب الوقوف إليه والتعمق فيه ، فقد تحدث عن تاريخ الشعر العربي ، وأيام دراسته في الأزهر والجامعة وأحب أستاذين الى قلبه وهما الأستاذ السيد علي المرصفي ، والعظيم كما يعتبره الدكتور طه الأستاذ الأيطالي كارلو نالينو. وتحدث عن الفن في (مقال حديث الجياع) ، والفلسفة، والخطوات المهمة التي يجب أتباعها في مصر في توحيد القضاء بيد الدولة أولاً وأخراً والأنصاف في الرأي والتمعن فيه فهو الذي يؤدي إلى الغاية المنشودة في التطور والتقدم ، وماذا قد يحدث ان تم أسكات ذلك الرأي؟ فهل سيتم نشر رأي مُخالفًا لراي الأزهر الشريف بعدما نشر الأستاذ الشيخ مقالًا مخلفًا للصوم معتمدًا بذلك على آيات قرأنية أليس مهمة رجال الدين هي النُصح والأرشاد والعطف؟ وان كان مخطأ أليس الأجدر تبيين له الصواب؟ وقد أعطى حلولاً واضحة وقد ألح فيها كثيرًا لأنها مهمة أشد ما يكون للنهوض بالبلاد .. وقد جوبه بمعارضة وسمي بأنه عميل فرنسي لطرحه أفكار أوربية خارجة عن الإسلام…
وعلى سبيل ما تقدم به واطلقت عليه هذه التهم :

اولًا : يظل التعليم الأبتدائي والثانوي جزءاً من الأزهر كما هو .
ثانياً : يوضع منهج مطابق لمنهج التعليم العام في وزارة التربية والتعليم ويفرض على المعاهد الأبتدائية والثانوية والأزهرية.
ثالثًا : تؤلف هيئة مشتركة من الأزهر ووزارة التربية والتعليم للاشراف من قرب لتنفيذ المنهج ، وتتخذ وزارة التربية تنفيذ التفتيش والمشاركة في الأمتحان.
رابعًا : يوفق بين هذا المنهج وبين ما يدرس في الأزهر من علوم أساسية للتخصص في علوم الدين. ويكون ذلك باصلاح المناهج الأزهرية والغاء ما فيها من تزايد وتكرار… واذا تم هذا النظام على هذا النحو وقويت فيه العناية باللغة العربية وأدبها فليس من شك في أن الشهادة الثانوية للأزهر ستكون أقوم جداً من الشهادة الثانوية وستكون أجدر بأن تفتح لطلاب الأزهر أبواب التعليم العالي في الجامعات والمعاهد على اختلافها وسيقبل الناس على ارسال أبنائهم إلى الأزهر اقبالاً أشد وأقوى من اقبالهم عليه الآن …

لهذه الامور أتهم كما ذكرت الدكتور طه حسين ولهذا
تم نعته بكلمات لا تليق بشخصه. والحق يُقال في ان الكثير من الكُتاب كتبوا في التربية والتعليم ولا أحد يسمعهم ، والبعض الآخر لا يوفون بعهدهم عند تسلمهم المنصب ، لكن كيف وفق الدكتور طه حسين عند تسلمه منصب وزارة التعليم؟ ولماذا جوبه بهذه المعارضة الشديدة ، وما الغاية منها؟ وأخيراً ما مدى نجاح هذا النظام أن طبق في العراق؟
وقد شارفت على الأنتهاء من هذا المقال وارجو ان تعذروني من عدم اظهار المواقف السلبية من الكتاب لأني لم أجده واتمنى أن تبينوا لي وأن ترشدوني إلى الصواب أن كنت مخطأ ، لكون جميع إنسان مهما بلغ لا يصل إلى الكمال .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى