تجاعيد الماء (48- 49)

سوسن صالحة أحمد | شاعرة وكاتبة سورية تقيم في كندا

(حلم)
مابين خطوة وخطوة
ترتفع معي في المسير
أنا أمشي وأنت تطير
ماغبت لأبحث عنك
و ما حضرت لأنساك
***
(رسائل سيدة 4) ماضٍ

وقعت في يدي صور وأوراق ماضيه، قلبتها جميعا، رأيت كل الصور وقرأت كل الرسائل، تأكدتُ أكثر أني ما كنتُ في حياته ومازلتُ ولن أكون.
حزينة أنا على ربيع عمر زرعته في محراب لايُصلَّى فيه، على أيام جللتها برودة وهم بمعاني سامية للحياة ما ظننتها يوما ستكون خيوط عنكبوت.
حزينة أنا، على أنا، حتى لكأن بعضي يضم بعضي، يشد على تأوه دمي واستصراخ جسدي لبقايا رحمة مرجوة الوجود فيه.
مازال يعيش الماضي بثوب حاضره ورؤى مستقبله، إنه يعيش بطيفها، بنبضاتها، وربما بجسدها وصورتها، ولربما بكل تفاصيلها.
حين أهداني، أهداني من عطرها المدون اسمه في رسائلهما يغازل به لحظاتهما، وحين غازلني وبعد احتجاج على الصمت ردد كلمات مكتوبات في أوراقه المرسلة لها، فأين أنا؟ .
حين ارتبطنا مزقت كل أوراقي القديمات، غيبت صور الماضي، قررت أن أعيش له وحده، الإخلاص يستوجب عند القرار قرارات أخرى مكملة لمسير صادق وصحي، جمعتنا القناعة بقرار العقل وقبول الروح، حتى صار مع الأيام مسيرها ودأبها وسلم معراجها، لكن دوماً ما كان وجوداً بيننا ببعدٍ لبعد! ، ما خطر لي أن من إرتضى الإرتباط بحاضر كنتُهُ سيبقى معلقاُ بخيوط ماضيه، تحرك مضمونه ويلتبس علي فهم ذلك رغم ظاهر إحتوى بعض الإشارات لتفسير تلك الحركة التي لا أرى منها شيئا سوى بخل المشاعر وقلة أو فقدان قدرة التعبير عن محبة وقبول المفروض أنها جمعتنا.
الإخلاص للماضي لاعيب فيه، والذكريات كل لكلنا، لكن عيش الحاضر بتأثيرها والكذب عليه، هذا هو المعيب والمؤلم لشريك الحاضر.
حاضر بثوب الماضي لا وجه له!
واليوم رأى من تشبهها، وفي هذا الشبه ضعتُ، لظنه أنه قد أعاد له ماضيه، فغاب إثر غياب قديم مستهلكاً كل الحاضر فيه، ومصراً لاعتبارات اجتماعية واكتمال شكل معتاد عليه في وهم الأسرة السعيدة، أن يحتفظ بحاضره متضمناً مستقبلاً بشبهة ماضي.
من يسكن مركباً بكل هذه الحمولة، ولا يغرق؟ ! .
لو رأيتُها، من كانت ماضيه، لقلت لها: لقد تركتِ بقايا إنسان
ولو رأيتها، شبيهتها لقلت لها: لقد قضيتِ على ما تبقى منه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى