رحلة إلى الجنوب اللبناني قامت بها: وفاء كمال (8)
سحمر قاع الدم الأول ( 8 )
قرَّب الزغلول ساعته باتجاه قنديل كان قد أشعله بعد نفاذ البطاريات، ونظر نظرة خاطفة نحو ساعته وقال: اقترب وقت تنفيذ العملية لاأعتقد أن “زوبا” ستأتي اليوم. بدأ قلب كرّار يدق بعنف وارتفع صوت تنفسه . أما ” الزغلول ” فسمع دبيب أقدام تتوجه صوب الكهف حمل رشاشه وخرج يستطلع.
ـ إنه الأمين يعود مسرعاً لقد عرفه من دعسته الثابتة على العشب. شعر “الزغلول” بالخوف وصرخ أين “الغزال”؟ هل اكتشفوا أمره؟
ـ لا..لا فقد أنهيتُ أنا زرع عبوتي وطلب مني المغادرة قبل التفجير فعندما ينهي هو الزرع سيقوم بتفجير العبوتين معاً .
ـ كيف تركته؟؟
لم أتركه لكنه سيبقى مع عنصرين آخرين بانتظار الشاحنة والجيب الإسرائيلي. .
ـ ماكان يتوجب عليك تركه؟
ـ ( لاتتفلسف منشان ربك ) ..إنها أوامر جهاد: فهو قال من ينهي نصب العبوة اولاً ليعود لمخبئه. ولاداعٍ لبقاء كل العناصر .
بقي الزغلول في الخارج قلقاً بينما دخل الأمين إلى الكهف متوجهاً نحوكرّار:
ـ رائحة الكاز خانقة ؟
ـ لقد نفذت البطاريات .
ـ ألم تَحْضَرْ زوبا ؟ طلبنا بطاريات مع القائمة؟
مدَّ الأمين يده من بعيد إلى جبين كرّار يتحسس حرارته. وقال: تبدو أفضل من قبل .
نظر كرّار بعينيه المصفرتين الذابلتين نحو الأمين وابتسم ابتسامة عريضة كشفت عن أسنانه المرصوفة التي لم يتمكن الإصفرار الظاهر عليها أن يمحو معالم جاذبيتها، وقال :
(يلعن إخت الساعة يلي ساواكن الله دكاترة عليّ . مو حرام انا انلئح هاللئحة وأنتو برَّا عم بتقاتلوا )
كان كرّار ذو حس وطني عالٍ وكفاءة عسكرية واضحة. ففي اول عملية له وهي تفجير لاند لقوات لحد. استطاع أن يخرق المعادلة العسكرية وهي ضرب اللاند الذي باغتهم قبل أن يرفع الـ ( ب ـ 7 ) فوق كتفه الأيمن .
بدأ الأمين بخلع بسطاره العسكري ..فتأفف كرّار من رائحة قدميه. فضحك الأمين قائلاً من يبلع البحر لن يغص بجواربي .
اما الزغلول فمازال خارج الكهف ينتظر والثعلب اللعين ينظر إليه عن بعد. .
حمل حجراً صغيراً وقذفه به. لكنه عاد مجدداً لكن الزغلول بدأ يُسَلِّي نفسه بنشربعض الأخشاب ليوقد ناراً للأمين الذي كان يرتجف من البرد. وماأن بدأ بتحريك المنشار حتى سمع دوي انفجار هائل ارتعدت منه فرائصه. اعتقد أنه سبب الانفجار بمنشاره. سمع الأمين يقول: بصوت منخفض لقد فعلها ” الغزال “.
لقد نجحنا… لم ينه كلامه حتى دوى صوت الانفجار الثاني ووراءه صوت قذيفتي( ب ـ 7) متتاليتين
.. وقد أبدى امتعاضه على ما أخبره به أحد عناصر المجموعة الذي كان على مسافة قريبة منه عن والد كرَّار. بأن الإسرائيلي كان يركل والد كرّار بقدميه والمسكين يقول له :
ـ (خاف ألله ياظالم شو أنا يهودي لتعمل فيِّ هيك) ؟ . همس الغزال في أذن الزغلول :
ـ الإسرائيليون اعتقلوا والد كرَّار.
ـ غداً سيفلتونه ماذا سيفعلون به؟ إنه رجل مسكين لاهمَّ له سوى إعالة عائلته . ومادام يعتقد ان كرّار يعمل في بعلبك فلاخوف على كراّر ولاعليه .
ـ مسكين كرّار كم هو تعيس الحظ!! من كان يتوقع أنه سيصاب باليرقان وهو أقوانا بنية ؟
ومن كان يتوقع أن ينتقم الاسرائيليون من الضعفاء والمسنين .
خرج “الأمين” فاتحاً ذراعيه للغزال الذي بادره القول: لو لم يحدث عطل بالشاحنة الإسرائيلية لفشلنا. لأن لغمك ياأستاذ انفجر بعد الوقت المخصص له. ولكن عمليتنا تواقتت مع عملية لفصيل آخر عند الحاجز. ربما فعلها رضا أو جماعته .. فقد رجعنا وحريق الشوادر وصراخ الجنود الإسرائيلين يتعالى من الشاحنة. وكان وهج الحرائق ينتشر من معسكر الليطاني ويلتهم شوادره وآلياته .