معادلة فكرية
نداء يونس | فلسطين
في دواخلنا أكبر هاوية، إن أدراكنا هذا يجعلنا نحاول أن نردمها بالتاريخ والجغرافيا والايديولوجيات والأساطير، إننا نحاول إغلاقها لأننا لا نستوعب أن نسير ونحن حدود للفراغ الثقيل الذي يتحرك معنا وفيناـ لكن الأمر ينتهي عادة بأن تبتلع الهاوية ذاتها بالموت، وحيث لا يملأ هذا الشرخ الكوني سوى التراب.
يحاول بعضنا إفراغ هاويته من الردم الفكري، لكنه يكتشف أن الفراغ أيضا يأكل ذاته، هكذا تنتهي الحياة بالفناء.
الأمر يشبه أن تتحرك دوامة عملاقة في بحيرة، إنها تطرد الماء من وسطها، ثم يبتعلها الماء. طالما أعجبتني فكرة الدوامات، فالماء حد رخو للفراغ الذي يتصل بالهاوبة كما إننا نحن جدران لسد الحياة الفارغ.
تصبح المسافة صفرا بين الهاوية والجسد في الموت، يشبه الأمر أن تقف بوجهك ملتصقا بمرآة الحياة، وفي الحياة، يشبه الأمر أن تقف بلا مرآة وتقص شعرك.
حالة التوتر بين سطحين هي حالة فيزيائية تتطلب حضور العناصر كما في معادلة، وهذا ينطبق على من يفكرون بمعطى المكان، فأي معطى إذا كان الثابت في المعادلة هو الزمن؟ كيف يتحرك اللامادي على خط أفقي دون أن يتعثر ويقع وجهه في التراب.
تصبح المسافة صفرا بين الهاوية والجسد في حالة الفرح، هل تسمح الحياة به إذًا دون انهيارات.
أدرك أن فكرة تقودني من يدي إلى السهوب وإن الغيمة تحملني معها إلى حيث تمطر وكما الأنهار، لكن الماء يختلط دائما بالتراب.
أي مخرج جيد يستطيع أن يمنحنا تلك اللحظة التي تعكس الفرح، لحظة اللقاء، لكنه لن يمنحنا مشهد إزالة الطين عن الطين أو العقاب بالماء الذي يطفيء كل شيء.
أقف خلف نافذة الوجود على أطراف أصابعي، عيناي تحدقان في الهاوية التي تولد في رحم العدم وأشدها إليَّ.