رسائل مبحوحة
محمد دحروج / مصر
.
.
تمر سنوات ربما كانت هي الأعمق تـجــذُّرًا في أغــوار مـحيـط حياتي النـفسية ، وكـأنَّ الأرض قــد دارت بي دورةَ ألــف عــامٍ ثم أعادتني إلى مكاني الأوّل ، عـادت لأجـدُني بهذا الصباح وأنـا أمُــدُّ يـدي إلى كـتابٍ بمـكـتبتي لأتـذكَّـر تاريـخـًا صادقـًا منَ الإخـاءِ الأدبي ، يــوم بــدأت مسيرتي بالـثـقـافـة الأرضيّـة هناك في العاصمة ، وإذا بي أرجعُ بعد أعــوامٍ هي بعُمر التجربة طويلة طويلة ، لأجـدني أمام هـذه السُّطور …
(( لا أذكـرُ سوى لقائنا الأخـير ، هناك على قارعة الجُـرْح ومقهى الشَّتات .
أوقـفني وعينـاهُ لَجُـوجَـةٌ لا تستـقـرُّ على مـلامحي كـمـا عـادتـه . )) . اهـ .
ثمّ أمُـرُّ مع الأوراق فـأقـفُ أمام قولها :
(( إنـها عينـاكِ حـين ينسلُّ من أحـداقها حديثي ، ويبتُـرُ خوفَ الليل من بين أحـلامٍ تجمعُني والسَّراب .
تُشرقين على روضة الأنـفاس ، فأتنفَّسُكِ عطـرًا مِنْ رائحـة الجـنَّـة .
أقتفيتُكِ كنُبوءةٍ في رؤيا ، وكجُنونٍ اقتحم فوضويتي .
رتـَّبتِ خيوطَ الشَّمس بأهدابكِ لتُرسلي لي بـريـدًا عفويـًّا مِن طُهر فطرتك .
كم يلفحُني الحنينُ إليكِ ، تغزُوني ضفائرُكِ المُرتـَّبة على كتفيكِ بدثارِ عشقٍ يـُلـوِّنُ أضلعُي بنشوةِ حُبٍّ ، ويحَبـِكُ الأملَ يـُرقِّعُ بـهِ ثـقـوبَ حـظِّي . )) . اهـ .
كـلمـات ظـفـرتُ بها وأنـا أمُـرُّ على أرفُف مكـتبتي لأمُـدَّ يدي إلَى هذا الكتاب ثم أقـف عند هذه العبارات لأتذكّـر تاريخًـا ثـريـًّا من الـمبادلات الأدبـيّـة بيني وبين الناثـرة الأردنية الأستاذة ديـنـا العـزَّة بأعوام 2016 ، 2015 ، 2014 ، كان من بينها تقدمتي لكتابها الذي نقلتُ منه بعض عباراتها، كـتـاب ( رسائل مبحوحة )، وتقدمتها لكتابي ( ثورة النبض )، تلك المـقـدّمـة التي نشـرتها بعض الجـرائد الورقية بـدولـة العـراق .