يَحْيَى.. في مَهَبِّ الحَل
د. أحمد الريماوي | فلسطين
شـاهَدْتُ سـالومي
تُعاقِرُ سـمَّها في سـاحَةِ الإغْراءِ
يُشْـرِعُ دونَها يحيى المُتَوَّجُ بالإِباءِ
ما أغْـرَتْهُ رَقْصَتُها
وما بَهَـرَتْهُ فِتْنَتُـها
وما شَـغَلَتْهُ في السَّـرَّاءِ …
ما شَـغَلَتْهُ في الضَّـرَّاءْ
يَمْشـي ويمشـي فوق جَمْـرِ العُقْـمِ
تولَدُ قُبّـرَةْ
سُـبْحانَ مَن قد أَطَّـرَهْ
يحيى المُعَمَّدُ في مياهِ العَزْمِ
يمشـي فوق سـقف الحلـمِ
يَسْمو نَـدَّهُ
سُـبْحان مَن قد عَـطَّرَهْ
يمشـي الهُـوينى فوق مَتْـنِ الغَـيْمِ
تزهِـرُ أنْجُـمٌ
لاحَـتْ بِمِشْـكاةِ العُيـون المُقْمـِرَةْ
سبـحان مَن قد سَـجّرَهْ
سبـحان مَن قد سَـعّرَهْ
يمشـي ويمشـي فوق شَـوْكِ اللَّـوْمِ
يمشـي فوق نَزْف الشَّتْمِ
يَطْـوي أبْحُـرَهْ
يَعْلو على زَبـَدِ العُقوق
يَرِنّ ضَوْءٌ أسمرٌ
يَرنو لأروِقَةِ الحُقوق
يفوحُ صَـوْتٌ أخْـضَرٌ
لا تعـجبوا..
صـوتٌ نَـدِيٌّ عـامِرٌ
لا تَغْضَبـوا..
دارت على المُتَسَـلّقين الدائـرةْ
يحيى يَرُوزُ الأَمْرَ..
يمشـي في مَهَـبِّ الحَلِّ..
مَمْشـوقَ الرُّؤى
مهما دَنـى، مهما نَـأى
لم يُبْـقِ إلاّ ما ارتَأى
***
شـاهَدْتُ سـالومي
تُغَلِّـفُ مُـرَّها في واحَـةِ الإغـواءِ بالسُّلِفانِ
تَرْمقُـها الجُمـوعْ
يحيى المُعَنَّى هَبَّ دَيْدَنُـهُ الشُّـروعْ
كانت تُراهِـنُ
أن تُمَـرِّغَ كِبْرَهُ في الرّقْـصَةِ الأُولَى
وأن تُجَـْندِلَ عُـرْفهُ في الرّابِـعَةْ
كانت تُراهِـنُ أن تُطَوِّعَ عَزْمَـهُ في السّـابِعَةْ
يحيى المُحَصَّنُ في رِحابِ السِّلْمِ..
لم تُشْـغِلْهُ في الأولى
ولم تُشْـغِلْهُ رَقْصَـتُها الأخـيرَةْ
ما هَمّـهُ
إلاّ امتِشـاق الشّـوق في الظُّلَـمِ المُثـيرَةْ
يحيى تُؤرِّقُـهُ العُيـون الكَرْمِـلِيّةْ
يحيى تُحَرِّقُـهُ النُّهـودِ المَقْدِسِيَّةْ
يحيى تُعَشِّـقُهُ الأمـيرَةْ
في قَدِّها الكَـرْمِيِّ
في إيحائِـها البَحْـرِيّ
قد سَـلَبَتْ شُـعورَهْ
أَنْداءُ سِـدْرَة مُنْتَهـاهُ هي الكِنـاية للحِـكايَةْ
أوراقُها رَسَمَتْ على أغصانِها بالعَـزْفِ رايَـةْ
يحيى المُعَذَّبُ
شَفَّ من أوجـاعِهِ عَسَلَ البِدايَـةْ
بالوَعْيِ بَرْعَـمَ جُرْحُـهُ تينَ النِّهايَـةْ
يحيى المُوَلُّهُ سِرُّهُ الإِطلاقُ
شَـجَّرَ في فَيـافي البِـدْءِ غـايَةْ
يحيى تَجَلَّى في رُبوعِ الآهِ
دَوْزَنَ في رِحـابِ الصَّـمْتِ نـايَهْ
بالرّفْـضِ سَـجَّلَ بالدِّرايَـةِ
أنَّـهُ بَطَـلُ الرِّوايَـةْ
