إلى حلم
الشاعر عبدالحكيم مندور |مصر
إلى حلم
إلى سعاده الأستاذ / عبد العزيز البابطين كانت بمناسبة دعوتنا إلى حفل نوزيع معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين(الطبعة الثالثة)
كـل الأحبــَّــة عنِّي حِــيرةً ســألوا
وقال أمْـثَـلُهــم قد حَارت الحِيَـلَ
ماجدَّ عندك إذ ما صرت تحضرنا
إلّا وأنـت عَـــزوفٌ ثـــــمّ تـنــعَـــــزلُ
ما سـرتَ في مَلأٍ أو جئتَ مُنْـفـردًا
إلّا و رُدِّدَ ذاك الـهــَائــــمُ الثَّـمِــــلُ
*****
وَجيبُ قلبـك مسْمــوعٌ لـه زَجَــلُ
وذاك تُـحْدِثُـه الأشْــواق و العِلَلُ
قد هام قلبُك في سـمـراءَ فاتـنـةٍ
في عينهــا دَعَـجٌ في جفنــهـا كَحَــلُ
مشْبوبة القــــدِّ مــــا عـينٌ تُضَيِّعهــــا
قدْ رقَّ في حسنِها التّشبيبُ والغَزلُ
تَـفـْــتـرُّ في مـرحٍ عـن لؤلؤٍ نَضِــــدٍ
إذْ أنت مرتبـــكٌ ينتــــابُـكَ الخَجَــــلُ
قــتّـــالــة اللحــظِ مــاهَـــــمٌ يراودهـــا
والمغرمـون بـهــا في وُدِّهـا شُغِــلوا
تمشي على خَـفَـقَات الدَّلِّ لاهِيَـــــةً
إذ القلوب بـهـا من وَجْدِهــا شُـعَـــلُ
تـَخْتــال في حُلل الطاووس مائســةً
قد زادهـــا طربًــا أن يسْـقُـطَ الوَعِـلُ
وأنت في العشـق مَخْمومٌ ومُبْتـَـدئ
تـَجْـثو على جنـبــاتِ الشـــوق تَبْتَهـلُ
طــورًا نـــراكَ كـئيـبــا غــير مكترثٍ
وتــارةً قَلِـقًـــــــــا يَـجْتـاحُـك الزّعَــلُ
قد عشَّمتك وسارت غير عابِـئـــةٍ
وأنت تأكلك الأوْهـــــــامُ والـوجَــلُ
غــاليْتَ في الظنِّ بل أني لمن فئـــةٍ
على المكارم يامغْـــرور قد جُبِلــوا
قابلتُهـا عرضا في حفـلةٍ عَرَضت
لكنـَّـني أبـــدًا مــــا كـــنت أبْـتــذلُ
لا..بل علِمتُ بأنّي ضِمن قــافلـــــةٍ
في مُعجَم الشعــرِ في إصْدارهِ مَـثَلوا
إذ مذ دعيت فإني صرت منشغلا
أدور أيـــن بيـــــاني..؟ علَّـه يصــــلُ
مـالي ســـوى كلِمٍ يُهدى إلى رجلٍ
تَـهْفـــو لـجـَبهتـــه لو يسْمح القُبــلُ
*****
عَـــرِّجْ علينــا لكي نلقـاكَ يارجــلُ
وأنت في طَبَقَــــاتِ المجــدِ تَــنْـتَـقِــــلُ
مـازلــتَ تصعــد حتى نلتَ مَـنْزِلـــــةً
في غــايـةِ الشـأْوِ لم تحلُم بـهـا دولُ
يـــامن تحـــاول أن ترقـي لرُتْبَـتِــــه
كَلَّفتَ نفسك أمْـرًا ليس يـُحْتَمَـــلُ
لو خَــطَّ ذو كــرمٍ حرفًـــا لمكرُمـــةٍ
لفـَـاجَأتْك له الأمْثَــــال والجُمَــــلُ
أو حــــازَ مجتهــــدٌ في المجـــــدِ رابيــةً
إلّا وكــان لــــه مـن مثـلِهـــــا جَبَـلُ
يا طــاقةَ الحُبِ يا حُلْمًا يطوِّقنـــــا
يـا موئلَ الفكر معقــود بك الأملُ
في مَـحْفَل الخير كم أسْدَيتَ نائلـةَ
أعمـالُ برِّك في أفق العــلا مُثُــلُ
في نـهرِ عيــنيـــــك ودٌ لا حُـدودَ له
وبـحـــرُ جــــودِك فيــاضٌ ومُـتَّـصـلُ
لله أنت لكــــم أحْيَيْت من أمَـــــــلٍ
لــولا نداك لضـاقت دونه السُّـبُلُ
عـرائسُ الشعـرِ كم ألبسْتَهــا حُــللاً
ليست تنـازِعُهــا في حسنـــها حُلَلُ
يــا واحـةَ الودِّ هل أبـهى منــاســـبة
مـمـــــا أتحت لنـــا بالشـــعــر نحتــفلُ
يومٌ من الحلمِ قد ضاعفت بـهجتَه
فيه الأمــــاني من الأوهـــامِ تَغْتَسلُ
كم رحْتُ أحلم أنّـا سوف يجمعنـــــا
في روض ودِّك نــــــــادٍ فيه نَكتـمـلُ
مـــازلت آمل أن ألقــاك عن كَثَبٍ
حتى مددت يـــــدًا للــودِ تنفــعلُ
ما كنتَ تســـعى إلى نفــعٍ ولا أَرَبٍ
لكن مُنِــحت هُــدىً للخــيرٍ يمتـثلُ
******
هذي الجموع قلوب أنت ساكنهـــا
أو أنت بـهجتُـها والحــلم والمـقَــــلُ
جئنــا إليك ونبضُ القلبِ يسبقُنــا
لكي نـــــراك نودُ الدرب يُـخْتـَــــــزَلُ
جئنا إليك وركب الشــعـــر رائدنــا
وقد تَـنَــــوَّعت الأفكـــار والنِّحَــــلُ
جئنـــــــا نُشَكِّل أبيـــــــاتًا لملْحَمَــــةٍ
وأنت ناظِمُهــا والفــارس البَطَلُ
*****
لقد تركتُ وُرودَ الشـــعـر من زمـــنٍ
إذ صار في غصَصِ الأيام مُنْشَغَلُ
والآن أرجــع ملهــوفــًـــا ولو مَــــلَأت
دربَ المنــاهِل أشواكٌ هي الأســلُ
ذي بصمتي ورصيدي منه قــافيةٌ
كالخمر بــــــاردة أو إنـهـــا العســلُ