خلته حريقا
فاطمة محمود سعد الله | تونس
في الذاكرة الخلفية للضوء
خبأتُ مصباحا..
وضعته في زجاجة استقطرت لون السماء
ورميتها في البحر..
نسيت أن لي ذاكرة تحسن التخزين
بين الثنايا..
تذكرتُ ورقة برديّ عجوز
تتراقص بين سطورها النجوم والأجنحة
منذ ألف عام وأنا أمتطي مكوك الرحيل
بين البحر والسماء
بين زرقتين وملح وماء
منذ ألف عام وأنا أنتظر ساعي البريد
والرسالة المشتهاة
تلوح من بعيد بكفّ تموء
وتهز ذيلَ التسويف
الشاطئ العطشان لم يصدق أن البحر
قرر المصالحة
مسح على شفاه العطش بقبلة من ماء
زغردت “وردات الرمل”
وملأت جرار الفرح
خزنت إشراقة البياض
لليالي الكدر..
قبّل الرملُ قدميً العائدتين من غياب..
سقط رداء الغضب
و…ذاب كالملح
وشوشت الأصداف:هل من رسالة لي؟
رأيت أصابع بلا يد..
تكتب وتمحو
رأيت مركبا بلا شراع يغوص ويطفو
رأيت شبكة بلا صياد
تفرغ ما حوته حويصلتها من…
أسرار بلا شيفرات
طلاسم وعقد
تمتمات ونفثات
تعاويذ تشدني من ضفائري
وليست لي في الحقيقة ضفائر..
إلا من ذكريات وصور …
سمعتُ الشمس تدعو القمر للعشاء
وربما سينصبان خيمة للشِّعر
العكاظيات صارت عملة نادرة
قلت:سيحلو السهر
سترتوي الأذن و أقلب أسفار الحنين
قد أعثر على رسالة منسية
بين طبقات الملح
وبين طرفة حلم وصفعة يقظة
التحم الأزرقان
اشتعل الماء والضياء
ارتجف الرمل تحت قدميّ
وحدها تلك السمكة ظلت تدغدغ أناملي
بين خدوش المد
و بريق الجزر ألقت حمولتها
زجاجة حبلى
و…ورقة برديّ فارغة إلا من حروف
ليست من هجاء
ولا هي من طلاسم..
هي..أبجدية الرحيل
تخط المسار
بقلم من نار…
وبين كفّيّ
اشتعل الماء والسماء…
خلته حريقا..
شب َّ في طيات الماء
أو على جبين القمر وهجًا وضياء
ارتجت حروف ليست كالحروف
لترسم شَرارا من كلام
فيه سحابة من ورق ونوارسَ وطيورٍ …
ترفرف وتلقي السلام:
“لا أجل يتأخر عن موعده
و الموت يعرف الطريق
ويحسن الطرق على الأبواب.”
أسطر
كتبها
الماء
و
امتص
ز
ر
ق
ت
ها
ا
ل
م
ل
حُ.
1/7/2020