ارتباط لقاح السل بإنخفاض وفيات كورونا
د. فيصل رضوان شابون| أستاذ وباحث التكنولوجيا الحيوية والسموم البحرية بالوكالة الأمريكية للمحيطات والاجواء (نوا)- الأستاذ الزائر بجامعة سوهاج- مصر
ظهرت المزيد من الأدلة العلمية هذا الأسبوع على أن لقاح السل BCG، قد ساعد في مكافحة جائحة الفيروسات التاجية حول العالم. وهو ما يدعم فكرة إعادة إستخدام هذا اللقاح كأداة مؤقتة في مكافحة الفيروس. وجد الباحثون أن الدول التي فيها برنامج متوفرة ومستمرة للقاح السل ومنها مصر، كانت لديهم نسبة وفيات أقل لكل مليون مواطن؛ ذلك بغض النظر عن كم الإعداد التي ،تعرضت للإصابة بصورة عابرة.
وفي حين أن من سبق له أخذ لقاح BCG لا تقل فرصة إصابته بالكورونا، لكنه ربما تقلل من تفاقم خطورة الإصابة ومضاعفات حادة أو مميتة. وهذه الأدلة تتفق مع أبحاث وتجارب أخرى أشارت إلى أن لقاح BCG، الذى يظل تأثيره المناعى بالجسم لمدة طويلة قد تصل إلى 45 عام، يمكن أن تعزز مناعة الجسم بشكل عام، وربما تساعد ضد فيروسات التاجية.
باستخدم البيانات الموجودة تم التحقق بأن الدول التي ليس لديها برنامج قومى لتطعيم BCG، لديها معدلات وفيات أعلى للفيروس التاجي. ومن أجل إجراء مقارنة عادلة ، فقد أخذ الباحثون في الاعتبار عوامل مؤثرة مثل الكثافة السكانية ، توفر الحصول على الرعاية الصحية، وسرعة الاستجابة للجائحة عند بدايتها.
بدأت العديد من الدول تطعيم BCG في منتصف القرن العشرين، لكن مع انخفاض انتشار السل ، توقفت دول مثل فرنسا وألمانيا وإسبانيا عن التطعيم الجماعي للأطفال وانتقلت لتلقيح الأفراد المعرضين فقط لمخاطر عالية فقط. وعلى جانب اخر واصلت دول أخرى مثل مصر وروسيا وأوكرانيا والصين تطعيم BCG حتى الآن. ولم تقم بعض الدول مثل الولايات المتحدة وإيطاليا بتأسيس اى برامج مستمر للقاح BCG .
وقد وجد العلماء ارتباطًا قويًا بين استخدام لقاح BCG وخفض معدلات وفيات Covid-19 حتى فى البلدان الأوروبية المتماثلة اجتماعيًا. وذكروا في البحث المنشور هذا الأسبوع بدورية أكاديمية العلوم الأمريكية PNAS، أن كل زيادة بنسبة 10 ٪ في مؤشر BCG ، الذي يشير إلى درجة التطعيم العالمي لـ BCG ، ارتبطت بانخفاض 10.4 ٪ في وفيات Covid-19. ويذكر البحث أن نسبة الوفيات لكل مليون مواطن تظل الأعلى فى دول مثل امريكا وإيطاليا ربما لعدم وجود برامج تلقيح مستمر للسل مقارنة بمعظم الدول الآسيوية والدول النامية.
وهناك أدلة قوية تشير إلى أن اللقاح يوفر مناعة غير محددة – وحماية تتجاوز الإصابة بالسل. حيث يعزز لقاح BCG جهاز المناعة الفطري. فيما يصفه العلماء بالمناعة المدربة؛ بمعنى أن الخلايا المناعية تكون أكثر إستعدادا لإكتشاف المرض المعد، وتقضى عليه بشكل أسرع. ربما بدون تكليف الجسم اعباء تكوين أجسام مضادة متخصصة. كما يرجح العلماء فكرة أن هناك “نافذة حرجة” وفي وقت مبكر من الحياة (حيث يتم تطعيم الأطفال)، ربما يؤدي لقاح BCG إلى منح الجسم مناعة حسنة مدى الحياة.
بالنظر إلى معدلات الانتشار المتطردة وتزايد الوفيات بعدوى الكورونا ، فقد يمنح تطعيم BCG —المتوفر ورخيص التكلفة، حماية عابرة (من 6 أشهر إلى 12 شهرًا)، وبديلا مناسبا قد يستفاد منه الأفراد المعرضين لمخاطر عالية ، مثل العاملين بالمرافق الصحية ، وهؤلاء الأكثر تعرض للخطر بطبيعة عملهم، أو الذين يعانون من حالات مرضية سابقة مثل السمنة والسكري أو أمراض القلب والضغط والكلى.وبذلك يمكن للمناعة المدربة أن تشتري الوقت ولو مؤقتًا حتى تتوفر لقاحات أو علاجات فعالة ضد عدوى فيروس كورونا.
وفى مايو الماضي، منحت مؤسسة بيل وميليندا جيتس 10 ملايين دولار لمجموعات بحثية لأجراء تجارب سريرية للتأكد من سلامة وفاعلية لقاح BCG لمكافحة الكورونا في كل من أستراليا وإسبانيا وهولندا ، والتي سوف تجرى على عشرة ألاف متطوع من العاملين في مجال الرعاية الصحية، وكذلك من هم الخطوط الأمامية لمحاربة الفيروس التاجي.
***