رغبة الانقياد
ممدوح عائلات / الأردن
نتحرَّر من القيود التي تؤلمنا، ونتظاهر بالعزم والقوَّة، ونبذل المستطاع؛ لنُثبت أنَّنا أقوياء.
ونُرسل إلى الآفاق ضجيجًا، ونُسمع الخلائق صيحاتِنا، ونترجم كلماتِنا إلى جميع لغات العالم في فرحٍ أو حزن.
نعُدُّ الخطوات لمعرفة الوقت المتبقِّي للوصول، ونكذب أحيانًا؛ لنمدَّ النَّفس بطاقةٍ إضافيَّة.
مررنا على محطَّاتٍ شتَّى، وأنخنا في مساحاتِ السَّير مطايانا، وعزمنا على السَّير والمتابعة، وكلُّه معتمدٌ على قوانا.
نبحث عن الأهداف منذ الصِّغر، نجدُ بعضها، والباقي نخفق فيه، ونتعمَّد وضع اللَّوم على الظُّروف في أكثر الأحيان، ولا نعاتب أنفسنا على تقصيرٍ كان مِنَّا رغم وضوحه.
في وقت تدور الأرض حول نفسها مفزوعةً من الأحداث فيها، تكاد تكتم أنفاسها؛ فزعًا واضطرابًا.
في غياب القائد؛ تُصبح الأمور غير دقيقة؛ لدرجة الحصول على الفشل بدرجة “ممتاز”.
وفي حضور الفكر والعقل والاتِّزان في جميع الأشياء؛ كذلك تُصبح النَّتائج في أعلى درجاتها، ويُصبح الفشل في بحيرةِ الغرق.
متى ما أصبحتَ لا تعرف قدركَ ومهمَّتكَ في هذا الكون؛ تُصبح شيئًا ثانويًّا، ولا تُذكر حتى في مجالس الصِّغار، وبعدها، تُعاتب الخلق على إقصائكَ من السَّاحة، علمًا أنَّ الحضور يجب أن يكون سابقًا لجسدكَ في أغلب الأماكن.
هذا حال الفرد، فما بالكَ بأُمَّةٍ خُلقت أصلًا لتصنع الأسس السَّليمة على طرقٍ معبَّدةٍ لجميع البشريَّة؟! حتَّى وإن كان معظمها يكنُّ لها العداء.
عندما نتحرَّر من رغبة الانقياد لذاتنا؛ عندها، نُحرِّر العالم من رغبته للانقياد لذاته التي تجرُّه نحوَ العقائد الفاسدة؛ وخاصة الدينيَّة منها.
أُمَّةٌ خُلقت بلسمًا للألم، ونحن جعلناها عبئًا ثقيلًا على نفسِها قبل الآخرين!