حمار الشيخ.. وجاهة – 4 –

جميل السلحوت| فلسطين

 بكل بساطة راودتني أفكار بأن اصبح (وجيها) يشار لي بالبنان، وتفتح لي الأبواب في كل مكان، وأجلس في صدر الديوان، بين الكارهين والخلان، فكل الأمور سيان في هذا الزمان، وستوكل لي مهمة حل المشاكل والتوسط بين المتخاصمين بغض النظر عن طبيعة الخلاف إن كان على عقارات وأطيان، أو بين زوجين ضاقت بهما سبل العيش.

ومتطلبات الوجاهة هي سيولة المال وعمل المناسف أو مناطحة الكؤوس في البارات والمنتزهات والمطاعم، فلكل مقام مقال،ولكل دفعة حساب.

وتحقيقا لأحلامي بالوجاهة فقد ركبت حماري وقمت بجولة لأستطلع أحوال بعض المسحوقين سابقا “والمتوجهين” حاليا، بعد أن امتلأت جيوبهم وأرصدتهم بالمال، فأصبحوا ذوي شأن بعد أن لم يكونوا في الحسبان؛ كي أقلدهم في جمع الثروة بلا حدود.

وهكذا وجدت نفسي أمام ابواب جهنمية أقلها الإتجار بالمحرمات من مخدرات لا أعرف اسمها وسمسرة ورشاوي، ربما تصل إلى انتهاك حرمة إنسانية الإنسان وخيانة الأوطان، وبعدها ستمتلئ جيوبي، وسأفتح أرصدة في البنوك، وأحمل الشيكات بعد أن أشتري عباءة تليق بوجاهتي عند البؤساء، وبدلات أنيقة عند ذوي العلم والشأن، فمتطلبات الوجاهة تقتضي أن أغيّر جلدي كما الحرباء، وسأصلي في الصفوف الأولى في المساجد، وربما سأقف خطيبا من على المنابر فهفواتي ستكون مغفورة ولو عصيت رب المعمورة.

وسأستبدل حماري بسيارة فاخرة تسوقها فتاة ساحرة، وستخدمني القيان اللواتي سيحظين مني بواحدة من السبع الموبقات.

و بينما أنا في هذه الأحلام، وإذا بحماري يكبو على غير عادته، ممّا أدّى إلى وقوعي أرضا وإصابتي بشجّ في رأسي أسال دمائي، فأعادني إلى صحوتي على طريقة (المضبوع) الذي سالت دماؤه، فعاد إلى رشده، وازدادت قناعتي بعدها بأنني لا أصلح لهكذا وجاهة، وسبحت بحمد الله الذي قلب القرود إلى غزلان والغزلان إلى قرود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى