الرجال الصالحون.. وفيقة منصور: ما قصة المعاش التقاعدي لدولة الرئيس؟

توفيق شومان | مفكر وخبير سياسي لبناني

بداية سبعينيات القرن المُنصرم، تَقَدَّمَ نائب عاليه “منير أبو فاضل” باقتراح قانون يَرمي إلى إعطاء رؤساء الجمهورية والمجالس النيابية والحكومات والنواب السابقين تعويضات، بعدما ترددت أخبار عن سوء الأحوال الاجتماعية للمسؤولين السابقين وعِيالهم آنذاك.
أُقِرَّ الاقتراح في مجلس النواب وأُحِيلَ إلى رئيس الجمهورية “سليمان فرنجية” فَتَمَهَّلَ في توقيعه، مُعتبرًا أنَّهُ يُرَتِب أعباءً ماليةً كبيرةً على الخزينة بحسب ما أخبر الوزير خليل أبو حمد.

بعد أيام كان عيد الاستقلال، وصودف أنْ كان الرئيس فرنجية يقف مع بعض المدعوين على شرفة الطابق الأول في قصر بعبدا قبل مباشرة استقبال المهنئين، فلفتت رئيس الجمهورية سيارة إجرة عادية تتوقف في الباحة وينزل منها رجل عجوز يتكئ على عكاز.
سأل الرئيس فرنجيه عنه فقالوا له، أنه رئيس الحكومة السابق الأمير خالد شهاب.
طلب الرئيس فرنجية مِنَ الوزير أبو حمد معرفة إنْ كانت سيارة الأمير خالد شهاب مقطوعة أو معطلة حتى وصل في سيارة تكسي.
صافح الوزير أبو حمد الأمير خالد شهاب وسأله: لماذا حضرت في سيارة أجرة؟
يرَدَّ ببساطة أنه لا يملك سيارة؛ إذ لا قدرة لديه على الإنفاق عليها.
بعد أنْ عرف الرئيس فرنجية بالجواب، أشار إلى أحد مرافقيه لدفع إجرة السيارة العمومية التي أقلَّت الأمير خالد شهاب وصَرْفِها وتحضير إحدى سيارات المراسم،
وعندما هَمَّ الأمير خالد شهاب بالإنصراف، استفقد السيارة العمومية، فقيل له إنَّها انصرفت، فسأل مَنْ حاسب السائق لمحاسبته؟ فلم يتلَّقى جوابًا.
بعد لحظات دعاه مرافق الرئيس فرنجية للصعود في السيارة الرئاسية لتوصيله إلى منزله في الناصرة.
عقب انتهاء مراسم استقبال المهنئين، دخل الرئيس سليمان فرنجية إلى مكتبه وأخرج قانون التعويضات ووقعه.
وكان عُرِفَ عن الأمير خالد شهاب تحبيذه التوجه إلى مكتبه بالترامواي توفيرًا على خزينة الدولة نفقات انتقاله سواء في رئاسة مجلس النواب أو رئاسة الحكومة.
والأمير خالد شهاب ترأس برلمان 1935 و3 حكومات في أعوام 1936 و1938 و1952 وانتخب نائبًا عن محافظة الجنوب في دورات: 1922 و1925 و1927 و1929 و1934 (تعيينًا) و1937 و1960 عن دائرة مرجعيون – حاصبيا. وعُيِّنَ وزيرًا في أعوام 1927 و1938 و1939 و1952 وتسلَّم وزارات: المال، الخارجية والمغتربين، العدل، التربية الوطنية والفنون الجميلة، التجارة والصناعة، البرق والبريد والهاتف، الزراعة، الداخلية، الدفاع الوطني، والأشغال العامة والنقل.
بعد كل تلك الفترة الطويلة مِنَ المشاركة في الحكم، لم يكن قادرًا على اقتناء سيارة. تُوُفِّيَ في 7 تموز 1978.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى