الحسين في وجدان الشعراء غير المسلمين
منى النجم | العراق
الحسين عليه السلام أظهر مصاديق الاستثناء لحكم آية الشعراء فالشعر في مدحه ورثائه تجلٍ للإيمان العاصم من الغواية ولعل هذا الاستثناء نافع لغير المسلمين من الشعراء أيضا.
لقد أثارت عالمية الوجود الحسيني الوجدان الإنساني وألهمته شعرا ونثرا حيث زخر التراث الأدبي العالمي بمسلات شعرية خالدة تحكي عن الحضور الحسيني في رحاب الخلق والوجود.
يقول محمد جواد مغنية:
(ماعرفت البشرية جمعاء من أبنائها قيل فيه من الشعر ما قيل في الحسين بن علي).
فقد تساوى في هذا الشرف المسلم والمسيحي والصابئي وغيرهم لاسيما بعد ملحمة كربلاء التي قدم فيها الإمام الحسين – عليه السلام- أنموذجا فريدا في الإلهام.
ومن أجمل ماقيل في الإمام الحسين ماقدمه الشاعر المسيحي بولس سلامة من صورة شعرية فيها تكثيف دلالي كبير لواقعة كربلاء:
(أنزلوه بكربلاء وشادوا حوله من رماحهم أسوارا.
قال ما هذه البقاع فقالوا كربلاء فقال: ويحك دارا.
هاهنا يشرب الثرى من دمانا ويثير الجماد دمع العذارى).
أما الشاعر المسيحي السوري نقولا مرقص فقد أثارته بطولة سيد الشهداء وأعجبه إباءه فأشاد بهذه البطولة في قوله:
(تأبى البطولة أن يذل لبغيهم. من لم يكن لسوى الإله بساجد) .
وحذا الشاعر اللبناني جورج شكور حذو هؤلاء الشعراء في تأثره بالإمام الحسين عليه السلام وماحدث في معركة كربلاء فأخذ يحلل نتائج معركة (الطف) حتى توصل إلى أن المعركة انتهت بانتصار الحسين في كربلاء وهزيمة قاتليه وتحول قبره إلى مقصد يحج إليه التواقون:
( ياكربلاء لديك الخسر منتصر والنصر منكسر والعدل معيار .
وفيك قبر غدت تحلو محجته. يهفو إليه من الأقطار زوار).
وكان ريمون قسيس مستعدا لفداء الحسين بنفسه حينما قال:
(ياحسين الفداء تفديك نفسي انت نوري المضيء يضحي ويمسي).
ونختم المقالة بميمية الشاعر الصابئي عبد الرزاق عبد الواحد الملحمية في رثاء سيد الشهداء فقد كانت من روائع ماقيل في رثائه عليه السلام لكثافة الإحساس ودقة التصوير وقوة الاستحضار ولما تعطيه للمتلقي من طاقة إضافية وشحنة من عنفوان الإمام الحسين وثباته وصبره:
(سلام عليك وأنت السلام . وإن كنت مختضبا بالدم.
وأنت الدليل إلى الكبرياء. بما ديس من صدرك الأكرم.
وإنك معتصم الخائفين. يامن من الذبح لم يعصم)
السلام على معلم العلماء وقبلة العظماء و ملهم الشعراء السلام على سيد الشهداء.