سوالف حريم.. ثوب أمي
حلوة زحايكة| القدس – فلسطين
رحم الله والدتي خميسة حمدان أبو حديد المولودة عام 1934، والتي تزوّجت عام 1951 من والدي المرحوم جميل حمدان سليم زحايكة، الذي استشهد في حرب حزيران 1967. بينما كنت أنا طفلة رضيعة. وتوفّيت والدتي قبل سنتين وأورثتني حزنا لا يكاد يفارقني عندما أتذكّرها، وكثيرا ما أتذكّرها، كما أنني كثيرا ما أتذكّر والدي الشّهيد، وأتمنى لو أنني عرفته، واحتضنني ومنحني شيئا من حنان الأبوّة الذي أفتقده.
أمّا والدتي فعندمّا زُفّت عروسا لأبي في العام 1951، فلم تكن نساء قريتنا يعرفن ثوب العرائس أبيض اللون”الأكليل” وقتذاك. فخاطت لها جدّتي”حلوة” رحمها الله ثوبا مطّرّزا من ثلاث طيّات، فارتدته أمّي يوم الزّفاف فقط، ثمّ طوته وخبّأته لتزّف به بناتها اللواتي ستنجبهنّ لاحقا، ولم تكن –رحمها الله- تعلم أنّ زمن بناتها غير زمنها، لكنّها بقيت تحتفظ بذلك الثّوب وأورثتني إيّاه مع نفس الخرقة البيضاء التي غطّت بها رأسها يوم زفافها.
ووفاء منّي لأمّي، ولتبقى ذكراها خالدة، وحفاظا منّي على تراثنا الشّعبي، فقد قرّرت أن أقدّم ذلك الثّوب وتلك الخرقة البيضاء هديّة لمتحف الدكتور أديب القاسم حسين في بلدة الرامة الجليليّة. وعدا عن ذلك فهناك قواسم مشتركة بيني وبين كريمتي الدكتور أديب حسين الرائعتين نسب وجنان، اللتين ذاقتا مرارة اليتم مثلي عندما توفي والدهما وهما طفلتان، فكبراهما نسب كانت في السادسة من عمرها، ونتمنى لوالدتهما طول العمر. أمّا أنا فقد رحل أبي شهيدا وأنا رضيعة بنت ستة أشهر، وفقدت أمّي قبل سنتين.