في غياب النقد الجاد قد ينهار الأدب
إيغار كانيفاتي | سوريا
لقد ارتبط النقد فيما بعد و ارتكز على علم النفس وعلم الاجتماع. فقد بحث علماء النفس فيما عند الأديب من فضول وحب لنفسه، ومدى تأثره بالمحيط أو إعجابه بالآخرين وبكل ما يجري حوله سياسياً و عاطفياً .
كما أنه لا يوجد نقد صائب وآخر خاطئ، إنما يوجد نقد أدبي أكثر قدرة على تأويل العمل الفني وتفسيره من غيره مع الاعتراف أنه هناك ذوق مصقول هو ذوق الناقد الذي يستطيع أن يكبح جماح هواه الخاص الذي قد يجافي الصواب .
_ وقد ذهب النقاد في تذوقهم للنص إلى أبعد ما يمكن فقالوا: إن فهم الأدب حق الفهم يستوجب فهم البيئة التي أنتجته؛ فمثلاً لا يمكننا أن نفهم قصيدة عروة بن الورد إلا إذا فهمنا حالة البيئة التي كان يعيش فيها عروة .
إن كل أمة في عصر من العصور لها طابع خاص يطبع أدبها ،و بما أن الأدب هو روح العصر و نتاج المجتمع ولأنه يسجل ميزات الأمة العقلية والنفسية وعيوبها، كان على الدارس أن يلحظ الصفات الأساسية التي يجب توافرها لتكون القطعة أثراً فنياً أدبياً.
ومن هذه النافذة اتجه البعض إلى دراسة حياة الأديب لا الأدب نفسه وقد لاحظوا أن نَفس الأديب هي المنبع الذي صدرت عنه القطعة الفنية الأدبية إذ لا يمكن فهم القصيدة حق الفهم إلا إذا فهمنا نفسية القائل! وهذا صحيح إلى درجة كبيرة، ولكن ينبغي أن لا يفوتنا أن المغالاة في هذه الناحية ضارة بالفن ؛فكثيراً ما تكون معرفة حياة الأديب سبباً في عدم تقدير القطعة تقديراً سليماً.
و من أجل هذا ألح بعض الأدباء في إبعاد حياة الأشخاص، فليس يهمنا كثيراً معرفة ما إذا كان مجنون ليلى شخصاً حقيقياً أو خيالياً ما دمنا نستطيع أن نقّوم القصائد المنسوبة إليه إن ذلك قد يهم المؤرخ لا الناقد .
كما أن النقد ليس بنصائح توجه للأديب و إنما هو تسليط الضوء على جوهر القطعة الأدبية.
دون النقد لن يستمر الأدب شرط أن يكون جاداً وفعالاً فغالباً كان العصر الذي يتميز بنقاد عمالقة يتميز بأدب عملاق لأنه لا يكفي الأدب صوته وحده بل عليه يجب مشاركته النقد.
و نذكر مثالاً بسيطاً أنه في حكم المماليك و الأتراك لقيّ الأدب تراجعاً و تدهوراً ملحوظاً؛ كان ذلك بسبب غياب النقد !