سراب ( قصة قصيرة )
مهند الصباح | فلسطين
يُحكى أنّ رجالا جاؤوا من بعيد، على ظهر سفينة تجوب الصحراء، أناخوا بها حيث أقام “ديايوليس” أوّل الرافضين، وفي ليلة سمر أقامها الرافض الأوّل على شرف ضيوفه قدّم لهم الجواري وسقاهم بعضا من شراب مُسكر حتى ثملوا، خرج من وكره وقال مخاطبا: “ما رأيكم بأن تكون لكم قبيلة ؟” أمسك كبير الضيوف شعر ذقنه الأجعد المبلل بالشّراب يقّلب اقتراح صاحب المكان، وبعد برهة من الوقت قال ” فكرة سديدة يا سيدي، لكننا لا ندري كيف!” فقال: ” لا عليكم، الأمر أبسط مما تتصورون، ما عليكم سوى أن تغزوا القبائل وأن ” أجّروا كتابكم لبني خيبر”، وأن تهتفوا الله أكبر، ولا تقلقوا فإنّي جارٌ لكم “.
كانوا قد حافظوا على نصلٍ منذ أكثر من ألف عام، فأطلقوا أسما لعاصمتهم تيمننا بذاك النصل فأصبحت النصليّة.يحيون ذكراها كلّ عام، بالرقص والسيوف والسِهام.
كان صاحب المكان قد نصح كبير ضيوفه بالزواج بأكبر عدد من النساء كي تربو ذريّته وتطول سلالته.
وكان كاهن المعبد – عبد التوّاب – ذو قِلة وهم كثرة، غافلوه على حين غرّة و عرضوا عليه المال وبقاء المعبد لذريته مقابل الدعاء لتثبيت ودوام الفكرة، أصبحت قبيلتهم دولة تسود بضعا من قبائل الصحراء، زاد من قوّتهم بأن اكتشفوا سرّ الشراب ووكره.
عند إذ ظهر صاحب الفكرة، وطالب بأجره بتنفيذ فكرة أُخرى فقال: ” ما رأيكم دام عزّكم بأن تسودوا باقي القبائل فقد ازداد شرابكم؟ ” أجابوه طوعا وطوبى لتلك الفكرة. وزّعوا شراب السَكرة، ونجحت الفكرة … راودهم مضيفهم الساقي الأوّل وأردف بالقول:” والآن وهذا الجو غائم، والقبائل لشرابكم في احتياج ملازم، ما قولكم في المزيد من الغنائم ؟” حكّ صغيرهم الذي كبُر فجأة أنفه الجاثم: “أفتنا يا صاحب يا من فضله دائم” فقال: “هي راية توحدونها مع من لودّكم قائم” لكن يا صاحبنا الإمام هم لا يشربون ما نشرب، ولا يطربون لما نطرب! أجابه: ” لا عليك، فقط اجعلوا من الملائكة شياطين، وقدّموهم قرابين، فهم إليكم أقرب”، فعمّ الفرح والطرب ورفرفت راية يعلوها لون السماء ويدنوها لون البحر ويتوسطها إخطبوط بشكل طُحُلب!