مفهوم الإنترنيت العميق

 شيخة الفجرية | كاتبة عُمانية


هل تعدُّ عبارة الإنترنيت العميق دارجة بيننا كثيرًا؟ لا أعتقد ذلك، فكلمة الإنترنيت تقال أو تتداول بين الناس دون أي تحديد إن كان عميقًا أم سطحيًا، وبالنسبة لي لا أذكر أنني تعرضت لهذه العبارة، أو ربما قرأت عنها في إطار البحث عن معلومة ما تختص بالإنترنيت، ولكنني صدقًا لا أعرف شيئًا عن مفهوم الانترنيت العميق، على الرغم من أن والدي ألحقني بعدة معاهد متخصصة لدراسة الكمبيوتر قبل حصولي على شهادة الثانوية العامة وما بعدها، بالإضافة إلى دراستي لمادة مهارة الكمبيوتر في جامعة نزوى، ولكنني لا أذكر هذه العبارة “الإنترنيت العميق”. وهذه فرصة لي للبحث والقراءة عن هذا المفهوم، بدأت البحث والقراءة منذ أكثر من شهر وحتى كتابة هذه السطور، فأعادتني الذكرى إلى عدة أحداث تعني أننا نتعامل مع الإنترنيت العميق دون أن نضع لتلك الأحداث مصطلح معين. فعلى سبيل المثال، أين تذهب صورنا الشخصية التي يقوم برنامج خاص برفعها من هواتفنا الخاصة عبر الإنترنت وحفظها في مكان ما؟ كذلك، أين تذهب الصور والملفات المرفوعة عبر البريد الإلكتروني من عدة جهات عالمية وتصلنا فيما بعد على هيئة تقارير؟ وأين تذهب بيانات المؤسسات الطبية والدوائر والحكومية الشركات الخاصة المخزنة عبر الإنترنت؟ والتي لا يستطيع الوصول إليها إلا فئتين فقط، الفئة الأولى من يحملون تصاريح رقمية للوصول، والفئة الثانية هي التي ليس لديها تصاريح الوصول ولكنها تصل بطريقتين: إما الخبرة في اختراق الإنترنيت العميق ثم سرقة الملفات من الحكومات والشركات الكبرى والرسائل الإلكترونية للشخصيات العالمية الهامة، أو العبث (الهكر) في اختراق الإنترنيت العميق والوصول إلى تخريب المنظومات والشبكات في جهة ما.
ولو عدنا إلى الوراء، فإن دخول الإنترنيت مداهمة لم يسبقها أي تمهيد، مما جعل الناس يعتبرونه أداة تخريبية مسيسة، بينما هو في الأصل من أهم إنجازات تكنولوجيا شبكات الكمبيوتر، والسؤال: هل كانت الحياة قبل ما يقارب العشرين عامًا مع ظهور “شبكة الويب” كما هي الآن؟ قطعًا ستكون الإجابة “لا”، إذ لم نكن نحصل على المعلومة بذات السرعة التي هي عليه الآن، فلم يعرف العالم عن الإنترنيت إلا على يد القوات المسلحة الأمريكية في عام 1960م، من خلالِ ربط أجهزة الكمبيوتر العسكرية بشبكة اتصال اسمها ((ARPANET. ووزارة الدفاع الأمريكية ثم المؤسسة القومية للعلوم، التي تعدّ المالك الوحيد لهذه الشبكة، وبعد تمويل الشبكة من جهات غير عسكرية عدة تحولت من “القطاع الحكومي إلى القطاع الخاص. ومن هنا ولدت العديد من الشبكات الإقليمية ذات الصبغة التجارية حيث يمكن الاستفادة من خدماتها مقابل اشتراك”. (أبو الحجاج 1998م)
إذ استعملت المؤسسة الوطنية للعلوم الأمريكية نفس تقنية (ARPANET) في عمل شبكة أخرى عام 1985م، سميت باسم (NSFNet)، وكان هناك أقل من ألفي حاسوب آلي مرتبط بالشبكة، ولكن العدد تضاعف في عام 1995م، ووصل إلى (5) مليون حاسوب، وفي عام1997م وصل إلى (6) مليون وتستخدم ما يزيد علي (300) ألف خادم (SERVER) أي شبكة فرعية متناثرة في أرجاء العالم، ويمكن القول بان عدد المستخدمين الجدد يبلغ (2) مليون شهريا أي ما يعني انضمام (46) مستخدم جديد للشبكة في كل دقيقة. (السيد، 1997 م)
للأنترنيت ثلاثة مستويات هي:
ـ الأنترنيت المتاح للجميع.
ـ الأنترنيت العميق.
ـ الأنترنيت المظلم.
وله أيضًا مزايا وخصائص؛ منها:
ـ أنه شبكة مفتوحة للجميع دون شروط مادية أو معنوية.
ـ سريعة النفاذ، إذ وصلت للعالم خلال 4 سنوات فقط، بمعدل 26 لغة عالمية.
ـ خارج الضبط والمحكومية والتصنيف (سياسيًا، دينيًا، أخلاقيًا).
ـ شبكة الانترنيت جماهيرية.
ـ تجارة إلكترونية قوية أرباحها تجاوزت التريليونات من الدولارات.
وهناك بروتوكولات عديدة تحكم الانترنت منها:
1ـ بروتوكول الإنترنت (Internet Protocol) (IP)، والـ (IP) هو رقم مكون من أربعة أجزاء، كل رقم يعرّف الآتي بالترتيب: المنطقة الجغرافية، والحاسوب المزود، ومجموعة الكمبيوترات التي ينتمي إليها الجهاز، والجهاز المستعمل.
2ـ لغة ترميز ونقل النص التشعبي (Language and HTML Hypertext Markup and hypertext Transfer Protocol (HTTP).
3ـ بروتوكول التحكم في النقل (Transmission Control Protocol) أو ما يعرف اختصارا بـ(TCP) ويختص ببناء البيانات وطرق إرسالها بين الحواسيب.
4ـ تلنت (Telnet)، خاص بتشغيل أجهزة أخرى من خلال جهاز كمبيوترك بكل سهولة.
5ـ نقل أخبار الشبكة: (Network News Transfer Protocol) يختص بتخزين الرسائل وتبادلها.
6ـ خدمات الإنترنت: (البريد الإلكتروني)، (قوائم العناوين البريدية)، (خدمة المجموعات الإخبارية)، (خدمة الاستعلام الشخصي)، (خدمة المحادثات الشخصية)، (خدمة الدردشة الجماعية)، (خدمة تحويل أو نقل الملفات)، (خدمة الأرشيف الإلكتروني: ARCHIE)، (خدمة شبكة الاستعلامات الشاملة: GOPHER)، (خدمة الاستعلامات واسعة النطاق: (WAIS)، (خدمة الدخول عن بعد: TELNET)، (الصفحة الإعلامية العالمية:(WWW) (WORLD WIDE WEB) وتسمي أيضا الويب (WEB)، برنامج Archie وهو قاعدة البيانات التي تشتمل على أسماء جميع الملفات الموجودة على جميع أجهزة الكمبيوتر في الشبكة، وخدمة تحديد المواقع على الخرائط، خدمات التسوق عن بعد، الخدمات الترفيهية، وغيرها، البث التلفزيوني واستقبال القنوات الفضائية والبث بالنطاق العريض وغيرها الكثير من الخدمات.
وكل ذلك ساهم في خلق العولمة التي سمَّاها المفكر المغربي عبد الإله بلقزيز بأنها “فعل اغتصاب ثقافي وعدواني رمزي على سائر الثقافات. ويقول المفكر العربي المغربي محمد عابد الجابري معرفا العولمة بأنها “، والحقيقة أن رأي بلقزيز يتحدث عن جانب سلبي بسيط مقابل الجانب الإيجابي العظيم من الأنترنت وما يحويه من فضائل وميزات مفيدة للناس وحياتهم.
والأنترنيت العميق بمفهومه العام يعني: البيانات والملفات والصور التي لا يمكن الوصول إليها، إلا بواسطة من يمتلكون الخبرة واليقظة من الهواة والمختصين والمهكرين(إما اللصوص أو العابثين المهرة إلكترونيًا).
لذلك تنبّه النادي الثقافي في إقامة مثل هذه الجلسات التعريفية عن الإنترنيت العميق، قدم الجلسة الأستاذ جابر الرواحي، وتحدثت فيها الدكتورة خولة الحارثية؛ قالت: إنَّ “الأنترنيت يحتوي على ثلاث طبقات، الطبقة المعروفة التي يستعملها الجميع مثل: خدمة اكسبلورر وجوجل، ولدينا طبقة الانترنيت العميق وهي 70% من الانترنيت. وعندنا الطبقة التي 20-30% من الانترنيت وتسمى الانترنيت المظلم. وعامة الناس يستعملوا طبقة واحدة فقط”، ثم أردفت: “الانترنيت العميق هو جزء من الانترنيت، ويمثل 70% منه، وهو الجزء الغير واضح للعامة، فعندما تبحث عن معلومات لشركة لا تجدها في جميع المتصفحات، لأنه تم إخفائها في الانترنيت العميق، فهناك قواعد بيانات، نفس السجلات الطبية مثلًا، هذه قواعد لا يجب أن تتوفر في العامة فهي مرقمنة ومخزنة سحابيًا في الانترنيت العميق بطريقة مشفرة لا يمكن الوصول لها عن طريق المتصفحات العادية؛ هذا هو الانترنيت العميق”، وزادت” هناك متصفحات للأنترنيت العميق، ولكن لا ننصح من ليس لديهم خبرة بالدخول إلى الأنترنيت العميق فكما أن له إيجابيات له سلبيات أيضًا”
ثم وجه جابر الرواحي السؤال قائلًا: كيف يمكن الاستفادة من الأنترنيت العميق؟
فأجابت:” الأنترنيت العميق للشركات الكبرى، في عملية حفظ بياناتها، وحفظ خدماتها الموجودة، وتكون الخدمات موجودة أسفل الواجهات، الخدمات البنكية، والسجلات الطبية” وثمة الكثير من المعلومات التي أسهبت الدكتورة خولة في قولها.
بقي أن نقول: طالما أن هناك معلومات لا نزال لا نعرفها عن الإنترنيت، وأننا نحن عامة الناس لا نستعمل إلا الإنترنيت العادي، فيجب عقد المزيد من الجلسات في هذا الجانب، ليحصل العامة على فرصتهم في معرفة الكثير عن الإنترنيت،  فلربما  يجدون أفكارًا ذهبية لمشاريعهم التجارية الخاصة حين  يلجون هذا العالم العميق.
المراجع:

أبو الحجاج، أسامة. (1998 م) دليلك الشخصي إلى عالم الإنترنت. القاهرة: نهضة مصر..
السيد، سمير. (1997م). محاضرات في شبكة المعلومات العالمية.  القاهرة: مكتبة عين شمس..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى