جمال عبد الناصر خالداً فينا
محمـد علوش | كاتب وشاعر فلسطيني
في ذكرى وفاة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر مؤسس مصر الحديثة والتي تصادف اليوم الاثنين ، والذي قاد ثورة 23 يوليو للتحرر من الاستعمار والتبعية وبدء عصر التنمية بأيادي المصريين التواقين للتحرر والتغيير والانطلاق نحو بناء مصر الحديثة بقيادة جمال عبد الناصر والذي مضى بثورته موحداً عدداً كبيراً من دول العالم في حركة عدم الانحياز ضد الاستعمار.
إن الأمة العربية اليوم تفتقد الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، في ظل تحديات كبيرة تواجهها، وفي ظل حالة التردي والانقسام والشرذمة والتشتت العربي في محاور اقليمية ومذهبية، والهرولة نحو التطبيع مع دولة الاحتلال.
ان الشعوب العربية المؤمنة بعروبتها وبمصالحها مطالبة اليوم وأكثر من أي وقتٍ مضى لتعود الى أولها وتلتف حول القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المركزية للعرب ، وتدعمها بكل قواها، ولتكون داعماً هاماً لنضال الشعب الفلسطيني وتطلعاته على طريق اقامة دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.
لقد استطاع الرئيس الخالد جمال عبد الناصر بأن يسطر في التاريخ الحديث صفحات مجيدة ومضيئة وهذه الصفحات خالدة في سفر التاريخ العربي والمصري على حد سواء بعد أن قاد (تنظيم الضباط الأحرار) الذي أطاح بالملكية والإقطاع والرأسمالية والاستعمار وبعد أن استطاعت ثورته العظيمة، أن تغير خريطة المنطقة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ، وبعد أن خاض بنضاله ضد الاستعمار وحلفائه معارك كبرى فى الوطن العربي وإفريقيا والعالم الثالث ، انتصر فيها للشعوب الحرة التى قادت التغيير فى كافة مناحي الحياة ، فارتبط اسمه بحركات التحرر العالمي وبحركة عدم الانحياز التى قادها مع القادة العظام : نهرو وتيتو وسكارنو عقب مؤتمر باندونج.
صحيح انني ولدت بعد رحيل جمال عبد الناصر بعدة سنوات ولكنني أعيش التجربة واستلهمها كنتيجة لقراءاتي المتعددة في سيرة ومسيرة وتاريخ ومواقف ومنجزات وإخفاقات هذا الرجل الكبير الذي عمل جاهداً وبكل ما أوتي من حكمة وشجاعة وإصرار على العمل على تحقيق العديد من المنجزات التي ما زالت ماثلة أمامنا في مصر وفي غيرها من البلدان من تأميم قناة السويس الى تنمية وإصلاح القطاع الزراعي ومواجهة العدوان الثلاثي البريطاني والفرنسي والإسرائيلي والانتصار على هذا العدوان الهمجي ، وبناء السد العالي وبناء وترسيخ مكانة الجيش المصري والسعي الدءوب لتحقيق الوحدة العربية ومقاومة العدوان الاسرائيلي والعدوان الأمريكي والموقف الحازم الذي اتخذه الى جانب تونس والجزائر والمغرب في مواجهة الاستعمار الفرنسي حتى نيل الاستقلال ودعمه للثورة اليمنية وتبنيه للقضية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية والتحديات الكبرى التي واجهت مصر والعرب في ذلك الوقت بسبب التبعية والتقسيمات الاستعمارية التي كرست حدود مصطنعة زادت في الشرذمة والقطرية بديلاً عن قيام الدولة العربية الموحدة والمتحدة .
جمال عبد الناصر بتاريخه ومكانته المصرية والعربية والأممية وبما قدمه خلال سنوات عمره التي انتهت في مثل هذا اليوم في العام 1970 سيبقى رمزاً كبيراً وخالداً في تاريخ الأمة العربية وفي ذاكرة كل محبيه من أبناء الشعب العربي في كافة أماكن تواجده.
لترقد بسلام أبا خالد فما زالت وستبقى ذكراك خالدةً فينا، في ضمير ووجدان الشعب الفلسطيني والأمة العربية زعيماً خالداً ومناضلاً كبيراً وعربياً بطلاً في سجلات التاريخ ومصرياً بسيطاً متواضعاً وأممياً صادقاً مؤمنا بالصداقة بين الشعوب وثائراً على الظلم والاستعمار والتبعية والتخلف والظلامية والرجعية.
في ذكرى زعيم الأمة فان على الأمة العربية وكل أحرار العالم التمسك بمبادئه والعمل على تحقيقها تخليصاً للأمة من واقعها المرير وانطلاقاً بمسيرتها نحو غد أفضل.