قراءة غير اعتيادية لواقع حركة فتح في ظل الانتخابات العامة
يونس العموري | فلسطين
لا شك أن الواقع السياسي الراهن يفرض بالضرورة حسابات أخرى غير تلك التي كانت وما زالت سائدة، وكأننا نعود للمربع الأول في البحث عن الحلول الخلاقة في ظل الواقع الراهن الذي لا شك أن حساباته معقدة، حيث انسداد الأفق السياسي على مختلف الصعد والجبهات، وبات من المستحيل إحداث الاختراق السياسي المطلوب في جدار العملية السياسية المقفلة بالرفض الإسرائيلي لكل من شأنه التسليم بوقائع وقوانين ما يسمى بالتسوية السياسية السلمية في ظل الاطروحات الاستسلامية للإدارة الامريكية والمدعومة من البعض العربي الرسمي وانهيار الموقف العربي المتمثل بما يسنى بالمبادرة العربية للسلام الصادة عن قمة بيروت بالعام 2001 . وفي ظل حالة الشرذمة التي تعيشها الساحة الفلسطينية حيث العبثية وفوضى الاطروحات ، وفي ظل السجال الدائر الآن حول الواقع الفلسطيني والسبل الممكنة للخروج من عنق الزجاجة، وفي ظل حالة الشلل وعدم المقدرة على خلق أطروحة سياسية إبداعية تستطيع اختراق حالة العجز والتحليق بالأطروحة الفلسطينية عموما، وتجسيدها كواقع يتم التعاطي والتعامل معه على مختلف الصعد والجبهات، الأمر الذي يعكس حالة الأزمة التي باتت تعاني منها مختلف مستويات القيادة الفلسطينية حيث الحالة الانقسامية.
، واحدث اختراق في الفعل التصالحي الى حد ما ، وفي ظل انعدام التأثير العربي الرسمي، وحتى الشعبي، وفي ظل معطيات الواقع العربي الراهن، وفي ظل تغول الفعل الاحتلالي ذاته من خلال الممارسات الفعلية على الأرض الذي يشهد تكثيفا لتلك الممارسات التي من شأنها تكريس سياسة الأمر الواقع وتقويض حل الدولتين على أرض فلسطين التاريخية الأمر الذي يؤكد أن قوانين اللعبة لا بد أن تتغير ولا بد من عبقرية قيادية لصياغة آليات الفعل الوطني الفلسطيني وفقا لمتغيرات الوقائع على الأرض، حيث أن كيان الاحتلال ما عاد يخفى عداءه لما يسمى بالتسوية السياسية ورفضه لوقائعها وقوانينها التي لا شك أنها كانت منذ البدايات تقوم على أساس معاكس لقوانين الفعل التحرري… وفي ظل كل ذلك يأتي الإعلان الصريح والواضح وفي إطار ما يسمى بالمصالحة واستحقاقاتها لإعادة هيكلة الأطر الوطنية وذلك عبر ما يسمى بالعملية الديمقراطية، وذلك على الأساس الانتخابي للمجلس التشريعي والرئاسة والمجلس الوطني والمجالس المحلية. وقد يبدو للوهلة الأولى أن الفعل الانتخابي هذا هو الكفيل بإنقاذ الحالة الفلسطينية، وبالتالي إنجاز الإصلاح الداخلي للبيت الفلسطيني وأطره القيادية المختلفة وتشعباته… وقد يبدو الأمر في غاية السهولة والاستسهال وكأن الشعب الفلسطيني يعيش في واحة ديمقراطية يتم من خلالها إنجاز الفعل الديمقراطي على الأسس القانونية المطلوبة ليختار الشعب ممثليه، وليحدد بالتالي خياراته إلا أن الواقع عكس ذلك تماما لأن الفعل الديمقراطي الانتخابي لا يمكن إلا أن يستند إلى أسس الحرية، والحرية لا بد لها من مناخات ضامنة لها ولأجوائها وهذا ما نفتقده في فلسطين بالمجمل. في ظل هذه الأجواء الملبدة بالمعلومات وتضاربها، وفي ظل الاحتمالات وانعكاساتها تتجه الأنظار إلى الساحة الفتحاوية وما يدور فيها من سجال داخلي، عشية التوجه لما يسمى بالاستحقاق الانتخابي العام. ولا نجافي الحقيقة هنا إذا ما قلنا أن حركة فتح تعيش واحدة من أزماتها المتعاقبة والمتلاحقة بهذا الشأن حيث الفجوة الكبرى ما بين كادرها وقيادتها وعدم التوصل إلى صيغة من الممكن من خلالها حسم قضاياها وأمورها، وبالتالي إعادة إنتاج ذاتها، وإنتاج مفرداتها بما يتوافق وأدبياتها بعيدا عن الحالة السجالية العقيمة ما بين مكوناتها الاستزلامية الاسترجالية… فالمحطة الانتخابية هذه المرة قد تكون حالة استنهاضية فعلية لفتح أو من الممكن أن تشكل المحطة النهائية في مسيرة الحركة.
ومن المعلوم أن حركة فتح كانت وما زالت تشكل العمود الفقري الأساسي لعماد الحركة الوطنية الأمر الذي يحتم عليها إدراك حقيقة خطورة المرحلة، فإن هي نهضت بالتأكيد فإن مكونات الحركة الوطنية بالعموم ستشهد نهوضا فعليا، وإن كان الانهيار عنوان الواقع الراهن للحركة فحتما سيقود الانهيار إلى فوضى فعلية في الأداء الوطني برمته حيث تغيير العناوين الكلاسيكية لمكونات الجسم الوطني بالمجمل… مما يعني أن حركة فتح ستجد نفسها أمام مفترق طرق خطير ومفصلي هذه المرة. وفتح إن أجادت تسويق ذاتها أمام جماهيرها الفلسطينية على أساس البرنامج السياسي الفعلي الذي يمثل فتح بمفردات الخطاب السياسي الفتحاوي المعبر عن الكينونة الفعلية لفتح كحركة تحرير وطني، وبالتالي مواجهة استحقاقات المرحلة بما يخدم المصالح العليا للشعب الفلسطيني، وكل ذلك في ظل المتغيرات التي تشهدها الساحة العربية.