قصّة أخرى لعبلة بنت مالك

فراس حج محمد | فلسطين

عبلةُ تشرب كأساً من الخمرِ وترقص في البار مع الأصدقاءِ وتغمز بدهاء زميلا شاعراً آخر

عبلة تعلن أنّها نسويّة جدّاً وتقرأ (سارة جامبل) و(فرجينا وولف) ونوال السعداوي وقاسم أمين، وتنام في غرفة الفندق حرّة دون أن تخبر أيّ شخص بذلك

عبلةُ اليومَ تقود في زمن الصحراء حزباً سياسيّاً، تترأّس كلّ اجتماعات القبائل، أصدرت كتباً لتقرأ في الحلقات وتُشرح.

عبلةُ الآن واقفة أمام الناس في الساحة الكبرى وتخطب في القوم:

ألا يا أيّها الناس اسمعوا، وقف الشيطان على قرنين

ألا يا أيّها القوم الحيارى استمعوا، رفع الله النّجوم فوقكم كي تهتدوا

ألا يا أيّها الشعراء الحاملين الوزن والإيقاع وثقل القافية، مرّ منذ أيّام “نفرٌ من الإنسِ” وباضوا في الطّللْ

وانتهكوا القصائد كلّها وكسّروا سطح الملل

“ألا يا أيّها اللّيل الطّويلُ، ألا انجلِ” لتخبر قادة الشعراء أنّ الأولى ماتوا بسمّ حضروا لينتقموا

ألا يا صاحب أمّ أوفى أين أنت الآن؟ الحرب واقعة لا محالةَ جهّز دِيَة القتلى من الطرفين، لنعقد صلحاً على قارعة الحدود.

ألا يا أيّها المقتول دون عمرك عُدْ لتعيد رسم وقيعة وخديعة أودت بنا قبلك

سنخبر خولة مع بريد الرّيحْ

لتلوح لي “كباقي الوشم في ظاهر اليدِ”

ألا يا أيّها القوم استعدّوا، قام عمرو بن كلثوم ينادي

يقتل الملكَ العظيم ويشرب نخبه ويكتب للسماء قصيدة ويصيح في فرحٍ: “ألا هبّي بصحنك” والصّحون طائرة ووزّع للروم “خمر الأندرينا”

عبلة انتبهت أخيراً أنّها نسيت مع كلّ ذلك عنترةْ

لمعت بذكراها السيوف الماضية

وانتظرت طويلاً في النواصي الباردة

لعلّ عنترةً جديداَ يروي لها باقي الحكاية.

||||

تشرين أول 2020

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى