بِلْاَدُ (النونِ)
الأب يوسف جزراوي | هولندا
نَخْلٌ وَنَهْرٌ ونَفْطٌ ونِزَاعٌ.
تِلكَ البِلْاَدُ أحَاكَت لَهَا بأشواكِ النَّخْلِ لِبَاسًا أسْوَدًا لِتَرْتَدِيه رِدَاءً أَيَّامُ الحُرُوبِ.
ذَاتَ نِزَاعٍ اِرتَدَتهُ وَلَمْ تُقْلِعهُ عَنْهَا! أَمَّا أنَا ذَلِكَ الْبَغْدَادِيُّ، تَارَةً وَقَفْتُ أَمْسَحُ شلاّلاتَ دُمُوعِهِا وَتَارَةً أُخْرَى عزَفتُ لَهَا بِكَمانٍ حَزِينٍ مُوسِيقَى أغانٍ لَطَالَمَا رَدَّدَتها وَهيَ تُخْرُجُ
الرَّصاصَ مِنْ جَسَدِ النَّهْرينِ !.
تِلكَ البِلْاَدُ لَهَا أنينٌ كَأُمٍّ مُفَجَّعةٍ تتوكَّأُ عَلَى بِئْرِ نَفْطٍ وَنُصْبُ
عَيْنِيِهَا تِمْثَالِ الْحُرِّيَّةِ؛ فَهْيَ لَمْ تَزَلْ تَنْتَظِرُ يَدًّا إِلهيّةً تَرَبَتُ عَلَى كتفِيهَا وَتَمْسَحُ الدُّمُوعُ مِنْ مَآقيهَا.
فِي تِلكَ البِلْاَدِ السَّمَاءُ تَغَيَّمَتْ بِسُحُبٍ تُنَذِرُ بِالمَطَرِ؛ وَلَكِنَّ الشَّمْسَ تُصِرُّ عَلَى الشّروقِ، عَسَى ذَاتَ بُزوغٍ تُطلقُ سَبِيلَ سُكّانها إلى حُقُولِ الْحَيَاةِ.