أيها الناس صوّتوا للقوائم التي تحرر الأسير المريض حسين مسالمه
عيسى قراقع | فلسطين
أيها الناس أعطوا أصواتكم في الانتخابات القادمة للقوائم التي تحرر الأسير المريض حسين مسالمة من سجون الاحتلال، ولتكن مراهنة وسباق انتخابي مع الموت، من يسبق أولا الموت أم الحرية؟
كل هذا الحراك الوطني والجماهيري على المحك الآن، ليس المطلوب من المرشحين أن يحرروا أربعة آلاف وخمسمئة أسير يقبعون في سجون الاحتلال، المطلوب أسير واحد فقط يصارع الموت بسبب إصابته بمرض السرطان، لا يريد سوى أن يموت بين عائلته وليس في السجن، أن تفك قيوده ويكون له قبر ولا يحتجز جثمانه كسائر الشهداء.
البرامج والشعارات والتصريحات الانتخابية والرؤى العديدة الداعية إلى التغيير والنهوض والإصلاح تقف كلها أمام مهمة إنسانية ليست مستحيلة وهي إنقاذ إنسان من براثن المحتلين، أن تتوحد هذه البرامج على قاعدة أساسية تستند إلى مطلب الحرية والخلاص من معاناة الاحتلال.
ستكون مفارقة جارحة إذا ما فشلت كل هذه الطاقات الفلسطينية على مختلف مستوياتها الرسمية والأهلية والإعلامية والدبلوماسية في تمكين أسير يعاني سكرات الموت من العودة إلى بيته ولو ساعات قليلة.
من لا يستطيع تحرير أسير لن يستطيع تحرير وطن، ستتحول كل الخطابات واللقاءات والحراكات إلى مجرد فقاعات نراها ونسمعها في لغة متشنجة باكية، ويكون الوقت قد انتهى في مهرجان السباق على إلقاء كلمات الرثاء.
روح الأسير المريض حسين مسالمة هي الصوت الحاسم في صندوق الاقتراع، وهي الحقيقة الكاشفة لكل ما يجري ويدور، فإما انتخابات جوهرها وأهدافها المشروع الوطني والسياسي القائم على التحرير والاستقلال وإما الانجرار تحت غطاءء شكلي وإجراءات تؤدي إلى تخليد الاحتلال وتجميل صورته وإضفاء شرعية على زهق روح الأسير في تابوت النسيان.
أيها الناس صوتوا لمن يحرر الأسير حسين مسالمه، صوتوا لكل من لا يتوه ويغرق في هذه الملهاة التي تكاد أن تتحول إلى مأساة، صوتوا لمن يدرك تماما أن أمامه حاجز عسكري إسرائيلي يطلق النار على الناس لمجرد الاشتباه، وأن أمامه مستوطنة متوحشة نهبت الأرض واغتصبتها ولم تترك له سوى الصدى والحسرات.
أيها الناس صوتوا لمن يضرب حجرا ويتوضأ بالحرية والإيمان قبل أداء الصلاة، صوتوا لمن يدرك أن بقاء آلاف الأسرى سنين طويلة أطفالا وشبانا ومرضى ونساء وكبارا في السن تفترسهم الأمراض وآلة القمع الوحشية في السجون هو الأشد موتا في هذه الحياة.
سواء بقيت أيام أو أشهر عديدة على إجراء عملية الانتخابات، التفاعل والترقب والانشغال الفلسطيني في هذه العملية يكاد يطغى على كل شيء، ولكن أيام الأسير حسين مسالمه تتناقص رويدا رويدا، فمن يسبق أولا الموت أم الحرية.
أيها المنظرون على الشاشات والفضائيات، أيها الجالسون في أي مكان لإبرام اتفاقيات وطنية أو حزبية استعدادا للانتخابات، لن يكون لكل هذا أي معنى ما دامت يد البطش الإسرائيلية تفتك بمناضلينا في السجون تخرجهم إلينا جثثا لنستخدمهم دعاية عاطفية في ماراثون الانتخابات، دمعة الأم الفلسطينية لا تطفئ حريقها رياح الكلمات.
أيها الناس صوتوا لمن لا يعرف الخوف، فأخطر أنواع الخوف هو الخوف من الحرية، الخوف من الاقتراب من الأبواب المغلقة، الخوف من الموت وشلل إرادة المقاومة.
إنها لمفارقة أن ترقص الضحية في حضرة الضحية، هي ثقافة المذبوحين، كل شيء يتحول إلى صراخ، اليد باردة وهي تمسك ورقة الاقتراع، القلب في فراغ، صندوق القلب لا يكذب، المشاعر عاجزة أمام الأسرى كريم يونس وماهر يونس وفؤاد الشوبكي ونائل البرغوثي وإسراء جعابيص وأمام قادة كبار يرسفون في الأغلال كمروان برغوثي وأحمد سعدات، وجوهنا متوارية نخفيها بالمساحيق الكثيرة أمام آلاف الأسرى وعائلاتهم، أسرى في المؤبدات سنين طويلة تفوقوا على الزمن والمعجزات، ينظرون إلينا فلا يجدونا إلا في الظلال.
أيها المرشحون تنافسوا على الحرية أولا وأخيرا، وإذا ما فشلتم فلتهدموا برامجكم وأصنامكم ومعابدكم وانتظروا دوركم في صفوف الأموات.