رجب شهر الله الحرام
د. أحمد الطباخ
من الأشهر الحرم التي لها مكانة عظيمة عند الله وكان العرب قبل الإسلام يجلونه فلما جاء الإسلام جعله من أشهر الله الحرم التي حرم الله فيها القتال وجعلها أمنا وآماناوكان الرسول صلى الله عليه وسلم يخصه بذلك الدعاء الذي أثر عنه فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبارك الله له ولأمته في رجب وشعبان والبركة شيء عظيم يجعل الشيء له من الخير والمنفعة ما لا يتم إلا بالعبادة والمداومة عليها حتى إذا ما تعود عليها طيلة هذا الشهر كان ذلك تهيئة وتقدمة لما من بعده مما يحتاج إلي أولي العزم من الرجال الذين يستحقون أن يداوموا على الطاعة والعبادة في شهر شعبان إذ كيف يدخل شعبان ورمضان وما يزال العابد على حاله من العكوف على شهوات البطون والفروج فالأمر يحتاج إلى مجاهدة ومدافعة لتلك الأهواء التي لازمت نفوس دأبت على أن تكون عادات وتقاليد لا تتفق مع تلك الشريعة الغراء التي تتطلب من المؤمن أن يجدد إيمانه وينقي فؤاده ويخلي قلبه ويحليه لتحل فيه تلك النفحات الايمانية والبركات الإلهية من رب ما خلق العباد إلا لعبادته وما اراد منهم سوى التجديد والتنشيط والمداومة على التغيير الذي هو سنة الله في خلقه وفي كونه من خلال ذلكم الناموس الكوني في خلق الله حيث الليل والنهار والشمس والقمر والصيف والشتاء وظواهر الكون التي خلقها الله على نسق بديع تتوالى فيه فصول وشهور ومواسم للطاعات فلا يمكن أن يكون الإنسان هكذا دون ان يتابع ويواصل المسير في كون الله الرحيب.
تتوالى الشهور والدهور والمؤمن يدور في كون الله الرحيب وفضائه الفسيح بسمو روح وصفاء نفس وعلو همة وكياسة عقل وحصافة لب تجعله يراجع نفسه ويحاسبها على ما بدر منها ليستهل شهر رجب وهو على حالة إيمانية تمكنه من الاستعداد لاستقبال شعبان الذي يلي رجب وقلبه مفعم بالتوبة والأوبة ففي رجب تتجلى رحمات شهر لا سيما أنه شهر الله الأصم الذي عظمته العرب وجاء الإسلام فجعله من أشهر الله الحرم ولن نبلغ رمضان إلا باستغلال ركب استغلالا خاصا يسهم في نزول البركات والخيرات إذ كيف تنال البركات والمسلم مقيم على المعصية لم يجاهد النفس في مدافعتها والتملص منها والتوبة ولم يغير ما لحق نفسه من أدران الشبهات والوحل في تلك المنهيات ولم يقم بالا بما أمر الله به فكيف يقتبس من أنوار شعبان ورمضان إن لم ينه النفس ويطهرها والقلوب الذي قسى وتجبر وتكبر على عباد الله طوال عام امتلأ بالحرام .
إن الذين يريدون أن يجعلوا رجب شهرا كبقية الشهور لم يبلغوا في علم التنقية والتحلية والتخلية شيئا فهو شهر نحن في أمس الحاجة أن تنالنا بركاته التي حلت فيه ببركة دعوات من لا ينطق عن الهوى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي دعا في أوله بهذا الدعاء الذي يجعل كل حريص على الخير أن يعد العدة ويستعد من اول رجب إلى وضع برنامجا إيمانيا لترتيب حياته الإيمانية وفق منهج الله وما كان عليه الصالحون من قبل الذين سلكوا طريق الهداية لتحل البركة مرة أخرى حياتنا وبيوتنا بدلا من تلك الحالة المزرية التي آلت إليها حياة الناس في هذه الأيام العصيبة التي بعد فيها الناس عن رب العباد .
اللهم أهل علينا هلال شهر رجب بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، والتوفيق إلى ما تحب وترضى “*
وكان رسولُ اللهِ ﷺ إذا دخل رجب ، قال: “اللهمَّ بارِكْ لنا في رجبٍ وشعبانَ، وبَلِّغْنا رمضانَ”