ماهي عقوبة الإعدام؟!

د. فاطمة رضا | أستاذة قانون – معهد واشنطن

الإعدام في معناه يعني إحالة وجود كائن بشري إلى العدم والفناء أي إبطال وجوده بإزهاق حـياته عن طريق وسائل مختلفة باختلاف القوانين والأعراف.
وهو استئصال الجاني من المجتمع على نحو قطعي ونهائي. ولقد طبق تنفيذ حكم الإعدام على المجرمين والخصوم في المجتمعات كافة تقريبآ من أجل عقاب الجريمة وقمع المعارضة السياسية غالبآ وقضايا القتل العمد.

وفي معظم البلدان التي تطبق هذه العقوبة، نجد أن الجرائم التي تستوجب الإعدام في تلك البلاد هي القتل أو التجسس أو الخيانة العظمى أو كجزء من العدالة العسكرية أحيانآ.

وفي بعض البلاد، تستوجب الجرائم الجنسية مثل الاغتصاب والزنا وزنا المحارم واللواط، وكذلك هناك أحكام إعدام نادرة التطبيق كبعض أحكام الجرائم الدينية مثل الردة وهو “تغيير الدين والمعتقد” في البلدان الإسلامية يستلزم عقوبة الإعدام ولكنه نادر التطبيق.

في كثير من الدول التي تطبق عقوبة الإعدام يعتبر الاتجار بالمخدرات جناية تستوجب الإعدام. في الصين مثلآ حسبما رأيت عندما قمت بزيارتها قبل عامين تقريبآ ينفذ حكم الإعدام في جرائم مثل الاتجار بالبشر وكذلك في جرائم الفساد المالي الخطيرة لأعضاء الحزب الشيوعي هناك.

ولقد قرأت واطلعت على قوانين أغلب جيوش العالم تقريبآ، فوجدت القتل بالإعدام أحيانآ يتم تنفيذه من خلال المحاكم العسكرية بشيء من العشوائية، عقوبة الإعدام تستخدم مثلآ ضد جرائم مثل الخوف من العدو والهروب من الخدمة أو ساحة المعركة والعصيان والتمرد للأمر العسكري.

س: هل يمكن تقنين قتل الكائن البشري بأمر محكمي؟
– إجراء الموت والقصاص أو تنفيذ حكم الإعدام أو قتل شخص ما بإجراء قضائي رسمي لايتم إلا بتوقيع وختم من رئيس الدولة نفسه أو من ينوب عنه من أجل العقاب أو الردع العام أو المنع. وتعرف الجرائم التي تؤدي إلى هذه العقوبة بجرائم الإعدام أو جنايات الإعدام الكبرى.

لقد تم تطبيق عقوبة الإعدام في كل المجتمعات تقريبآ، ما عدا بعض المجتمعات القليلة والتي لديها قوانين مستمدة من الدين الرسمي للدولة والتي تمنع هذه العقوبة.

تعد عقوبة الإعدام مسألة جدلية رائجة في العديد من البلدان، ومن الممكن أن تتغاير المواقف في كل مذهب سياسي أو نطاق ثقافي وديمغرافي.

ثمة استثناء كبير بالنسبة لأوروبا حيث أن المادة الثانية من ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي تمنع تطبيق هذه العقوبة بشكل رسمي وقطعي.

ترى محكمة العدل الدولية أن معظم الدول مؤيدة لإبطال هذه العقوبة، مما أتاح للأمم المتحدة أن تعطي صوتآ بتأييد صدور قرار غير ملزم لإلغاء عقوبة الإعدام.
شكليآ فإن أكثر من 60% من سكان العالم يعيشون في دول تطبق هذه العقوبة حيث إن الأربع دول الأكثر سكانآ وهي جمهورية الصين والهند والولايات المتحدة وإندونيسيا تطبق عقوبة الإعدام.

رأيي الشخصي:
لطالما عارضت مبدأ الإعدام جملة وتفصيلآ؛ فالقتل عمومآ مرفوض سواء كان القتل لأجل القصاص أو لمكافحة الجريمة أو لغيرها، فالجريمة في نظري لا تعالج بجريمة مماثلة والقتل جريمة إنسانية حتى لو كان قتلا لأحد الجناة.

والقتل بشكل عام يعتبر جريمة، ولا يمكنني اعتبار القتل فضيلة مهما كان الأسلوب أو السبب وحتى لو كان في خانة القصاص؛ فالسجن كفيل بإشباع الرغبة البشرية للمتخاصمين حول قضايا الدم.

السجن المؤبد يقضي فيه الانسان جل عمره وراء القضبان في معزل عن الحرية ويعاني معاناة شديدة، ولقد وقفت في يومآ ما أمام وزراء العدل للدول العربية في مؤتمر دولي لوزراء العدل وانتقدت الإعدام في المملكة العربية السعودية والدول العربية وقلت لهم “إذا كان لابد من الإعدام فليكن بطريقة إنسانية أما قطع رأس كائن بشري بالسيف فهذا شيء وحشي للغاية وأسلوب مقزز لإزهاق النفس وبالتأكيد يعز على ذوي المقتول قصاصآ أن يروه بتلك الحاله كوالدته وأقاربة وأبنائه وإنه لمن الظلم سلب أرواح البشر من أمام ذويهم بذنب وقضية لحظية حصلت في لحظة تسرع شيطانية ندموا عليها وعادو إلى جادة العقل والصواب والسجن كفيل بعقابهم بالتأكيد.

د.فاطمة رضا
أستاذة قانون – معهد واشنطن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى