في توحيد الحسن

المهدي الحمروني | ليبيا 

 

تعلمين زهدي في السائد
والمتداول والمتناول
والمكرور من البوح
لأني استصغرت المتاح من الكلام
ولأن اللغة تنهار حضاراتها أمام كوكب طلوعك
ثمة بريقٌ مُضمرٌ من لغاتٍ أخرى
غير مكتشفة
خلف وجنتيك
معجونةً من حنان الأمهات المنقرضة

وأعلم أن لا ركن لي في خانةٍ
من الشوق في احتجابك
وأنني قاحلٌ من تصريح اصطفائي
إلى ملكوتك

وجهك صراع الآلهة على ادّعاء الخلق
إذعانُها لخالقٍ أعلى يجثت بك
ما يأفكون
وأنا العبد الضعيف في غار
ضعفي لنبوتك
أرقب بزوغك من بعيد

كيف سأحمل أمانة طلوعك
أراها أكبر من قلبي الظلوم
الجهول
وجانُ شعرك أعظم من مخيّلتي

سأُشعِل القصيدة من وحي ظلك
لأبكي من خذلان الغياب
كم أهزأ بمفردة ” أحبكِ ” كثيرًا
في حضرة تولّيك عني
ووداعك لحيرة التقاطي
كلما تفجّرين في جفافي شلالات الدمع
على جفون الحجر المُنتظِر
حين أنزف وحدي بلا نصرةٍ
وبلا صحابةٍ
وعلى غير هُدى
أمَنّي رسالتي بكفكفةٍ من قراءتك بعد موتي
لأسقط في يدي
راضٍ عني

الطريق إليك هجرةٌ إلى مجاهل الرؤى
أنأى طويلاً من الحلم
تتوق لتبّانةٍ أخرى
في مُخيّلة الحدس
لطائرٍ شاعر
أتيمّن الشبه به لأجلك
كربَّةٍ ألاقي بها نهايةً بدء

إبقي ليظل الشعر في متناولي
لكي لا أشعر بالإفلاس
كمُهرةٍ طليقةٍ في سهلٍ بكر
انثري الصهيل في رجع صداي
لأحيا
ليكن قربكِ أرسخ في نبض الريح والمطر
وفي سكون الأشياء جميعا
في الخواتيم المقدسة
لِسِفر البعث الأعظم
في الاستهلال الأبقى للكلمات الراسخة

في توحيد الحسن
لا أريدك حزينة
ليهطل الأمل المنزوي
عن البلاد بأسرها
لكي أؤمن ببقائها
على قيد الشعر
أنا كذلك بين يديك كائنٌ آخر
أُُذهَلُ في اكتماله
من رحم اليباب
وهو يقول لك: أُحِبُّك
بما لا يُفهم من تصوّفٍ
وهو يتلو صلواتك
من تهويم الغيب الماورائي
وبما لا يُدرَكُ
من إعجاز
إلهامكِ

________________________
زليتن. 12 تشرين الأول 2020 م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى