أملك ما يكفي من الدفء لتثمر الأشجار عصافيرا

مها دعاس | كاتبة وشاعرة سورية تعيش في ألمانيا

آذار

لن يقبل أن يشبه العبث في مرايا العدم

لن يقبل الجدل في لوم الزهر لأن صراخه

ارتطم بجدران الصمت

و لأن المريخ انزلق نحو الأرض

بينما صعدت الأرض نحو السماء

أو لأن موازين الكون اختلت

عندما قرر آذار أن يفتح نوافذه للهواء

و يتحدى أسطورة الرعب

 

آذار يشبه أن تكون يدك أقصر من أن تصل

لتزيل القبح عن وجه مدينة

أن يكون صوتك مخنوقا في سماء الغربان

أن تكون أضعف من أن تداوي مدينة تحتضر

أنت غير مرئي وسكانها زئبقيون

يشبه أن تحاول أن تغير مسار الشمس وتعيد ترتيب المجرة

تجعل الأرض مربعة

الشمس مستطيلة

وكل المحيطات مكعبة تصب في بردى والفرات

و تستيقظ كل يوم لتحارب طواحين الهواء

 

أخبرني أيها الربيع

كيف ترسم الحرب الحزن في عيون مناضل عتيق؟

وتطبع اليأس على وجه منحوتة فينيقية

ينفد الصبر من قلب بحار قديم …؟؟؟

بينما تغزل النساء الغياب بدموعهن

دمعة ..دمعة

أخبرني أيها الربيع

كيف يرتطم الموج بأجسادنا

وتتعايش مخلوقات المالح مع بقايا عظامنا …؟؟

كيف تطير النوارس قرب الأجنة التي تتصاعد مع بخار الماء..؟

و كيف يمضي التراب صباحاته الربيعية مع مذكرات شهيد ..؟

كيف و كيف و كيف ….؟؟؟؟!!!!!!

 

و مازلت ألقاك يا مدينة على خد قمر

عند أول الربيع يلتقي السحر بالخيال

تصير طوباوية الفكرة حقا مشروعا

لا تمنعنا الحسرة أن نصغي بشوق منفي لهديل الحمام

أن نغني بلهفة ياسمينة لمنطق الوجود

ومرة تلو مرة

أدرك أن لا طريق سوى قداسة

حلم و روحي

أمدها جسرا نمضي به نحو النجوم

 

لطالما اعتقدت

أني أملك من النقاء ما يكفي ليخلص العالم من تشوهاته الجينية والمكتسبة

ما يكفي من الدفء لتثمر الأشجار عصافيرا

لتحلق البلابل بأجنحة النسور

لتلد الغيمات اليمام

لتنهض التلال الخائفة من الريح

لأتجاوز مفاهيم النزف من ألف الإنكسار إلى ياء الهزيمة

 

بينما تتكاثر الأسئلة في حلق منفى

و ينصب الموت نفسه مفهوما وحيدا لقاطني البيوت والخيام

لابد من السؤال ..

متى ينتهي هذا المخاض العسير ؟؟

متى ….؟

و مازال الموت يرتحل من آذار إلى آذار ..

متى ..؟

و مازال آذار ينتظر بقوة زهرة نبتت بين الصخور

…….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى