حوار مع القاص الروائي الليبي محمد المسلاتي

حاورته:- ريم العبدلي | ليبيا

 القاص والروائي والكاتب محمد المسلاتي قلم راقٍ، وحرف ممتع، وصاحب مسيرة مميزة، يعشق الكتابة والقراءة والتجديد المتواصل في كتاباته القصصية…. ومن بين مشاغله المتواصلة التقيناه:-

 

عرفني عن نفسك وعن بداياتك

الجواب: أنا محمد المسلاتي، من مواليد منطقة الصابري، انتقلت مع أهلي في الخامسة من عمري إلى حيّ سي خريبيش بجوار المنارة، تلك المنطقة التي كانت لها خصوصية شعبية، ما جعلني أكثر ارتباطًا  بالمكان، و الناس البسطاء، شغفت بالحكايا منذ طفولتي ، أبحرت في عوالمها الرحبة، كنت اتعقبها ، وألاحقها من سرد الجدة عندما تأخذني مع حكاياتها خلال الليالي، أو من أفواه عجائز شارعنا ، كنت أعيش مع تعبيرات وجوههن عندما يتوغلن عبر تفاصيل الحكايا،  لذلك تحرك في الفضول نحو معرفة المزيد ، فعرفت  طريقي إلى الكتاب لإشباع نهمي،  قرأت حكايات ألف ليلة وليلة، وسيرة عنترة بن شداد، والسيرة الهلالية، وسيف بن ذي يزن، من هنا أدركت أن الحكايات مسكونة بتفاصيل تغذي المخيلة،  وأن هناك حياة زاخرة خلف كل كتاب،  لذلك توطدت علاقتي بفضاء الحكايات والقصص ، وبدأت أحاول أن أحكي أنا أيضًا ، وذلك كانت  البداية .

                 

ماهي المؤثرات والأسرار التي كانت سببًا في كتاباتك ؟

الجواب: لعل استماعي  للحكايات، وارتباطي بالمنطقة الشعبية ، وفضولي الدائم لمعرفة تفاصيل الوجوه التي تحيط بي ، والعلاقات  الاجتماعية الإنسانية الي كانت تسود بين الناس آنذاك، والظروف المادية الصعبة ، جعلتني أحاول الولوج إلى أعماق كل ما حولي، ولعل أسرار الحياة ، وتناقضات المجتمع، وآلام الناس، وأفراحها ، وبساطتهم وهم يمارسون حياتهم اليومية ، كانوا ينسجون تفاصيل حياتنا من دون أن يعلموا، لغز الموت ، أولئك الذين يرحلون من حياتنا من دون أن يتركوا أثرًا،  من هنا كان ينتابني هاجس لماذا لا نعيد تفاصيل حياة كل هؤلاء ، لماذا لا نستعيد الواقع ولكن برؤية المخيلة، كيف أستعيد التفاصيل من زمن هرب بها ، وعندما كثرت الأسئلة في رأسي، صادقت الكتاب بأكثر حميمية، عن طريق المكتبات العامة ، بالأخص المكتبة العامة الليبية ، والمركز الثقافي العربي المصري في بنغازي، استطعت أن أتعرف إلي القصص العربية، وإلى الروايات ، العربية والعالمية،  والشعر، وكل أصناف الأدب، لكن الأولوية كانت للقصة والرواية. لذلك كان لهذه القراءات المبكرة التأثير في تعميق علاقتي بالقصة، وزادت من شغفي بالحكي واكتشفت أنني أتعرف إلى مجتمعات، وأناس، وأزمنة، عبر هذه الروايات، والقصص، ثمة حياة أخرى نعيشها بين الكتب. ومن هنا بدأت أحاول أن أعيد الحياة بالقصة.

 

هل الكتابات التي يكتبها الكاتب تخترق وجدانه وتلمس روحه ؟

الجواب: لا شك في ذلك، الكاتب إنسان لا يختلف عن الآخرين في مشاعره، وأحاسيسه، وعندما يصادف أي موقف في الحياة، أو يعيش تجربة إنسانية، يتفاعل معها وجدانيًا ويحولها من تجربة خاصة، ذات خصوصية فردية إلى حالة عامة، ويكون تفاعله معها بالدرجة التي تأثربها لهذا نجد أن المتلقي يرتبط بالنص الذي يجد فيه شحنة من الحالة الشعورية التي كتب بها الكاتب نصه، إن المرء لا يكتب من أجل الترف، لكنه يكتب من خلال شعوره الإنساني، واندماجه الكامل مع الحالة التي كتب عنها. الكتابات التي لا تكتب بإحساس صادق لا تجد تفاعلًا مع المتلقي، لكن الشعور وحده لا يكفي، هناك مجموعة من العناصر التي يجب أن يجيد الكاتب استخدامها حتى يكون النص متكاملًا شكلًا ومضمونًا.

 

كيف يستطيع الكاتب أن يمد جسور الصداقة بينه وبين المتلقي؟

الجواب: الكاتب الذي يكتب نصّه برؤية فنية، ويجعل القاريء يتفاعل مع النصّ بكل حواسه يمكنه أن يمد جسور التواصل مع المتلقي، للنصّ الجيد القاريء الجيد، هي معادلة بين طرفين، لا يمكن للنص أن يعيش من دون قاريء، إن الكاتب المتمكن من أدواته ينجح في كسب القاريء، والنصوص الضعيفة لا يمكنها أن تنسج خيوط التواصل مع القراء. وهي عملية فنية تتطلب من الكاتب أن المتلقي في هذا العصر ليس من السذاجة أن يقيم علاقة مع نصّ لا يرتقي إلى مستوى نضجه المعرفي، أو ذائقته الفنية .

 

يقال إن بعض الكتاب يكتبون أعمالهم الأدبية والبعض الآخر تكتبهم فمن أي الكتاب حضرتك؟

الجواب: لا يمكنني تحديد من منا يكتب الآخر، لأن حالة الكتابة حالة انصهار مع فعل الكتابة، تجد كل حواسك، و مشاعرك، وتفكيرك في حالة تفاعل كامل، يستحوذ عليك النصّ بكل عناصره، وتستحوذ عليه بكل وعيك، ومخيلتك، إن عملية كتابة النصّ تشبه التفاعل الكيمائي في معادلة واحدة ، لا يمكننا تحديد عنصر من دون آخر . الكاتب يتماهى مع نصه بالكامل.

 

لكل كاتب طقوسه الخاصة يمارسها أثناء الكتابة.. فما هي الطقوس التي تمارسها حضرتك؟

 الجواب: ليس لي طقوس خاصة فأنا أكتب كلما برقت فكرة في رأسي في أي وقت، أو أي مكان ، وتكون اللحظة القصصيّة وليدة فكرة ما، وتستنفر هواسي نفسها لاقتناص تلك اللحظة التي استعلت فجأةً، من دون سابق إنذار ، أحاول على الفور اصطيادها قبل أن تنطفيء وتخبو، حتى لو كنت في السيارة ، اتنحى جانبًا،  و أوقف السيارة لأسجل الفكرة، أو أكتب القصّة قبل أن تهرب مني، وحدث معي في أكثر من مرة أن كثيرًا من الأفكار القصصيّة تلاشت ، وضاعت مني لأنني لم أقتنصها في لحظتها لذلك أصبحت حريصًا على عدم ترك الفكرة تضيع ، من دون التقييد بأي طقوس .

 

ما الدور الذي يمكن أن تقوم به في التعارف بين الثقافات؟

الجواب: الأدب بشكل عام هو منتج إنساني، شأنه شأن أي منجز آخر، وعن طريق تناول القصّة هناك التقاء بين المجتمعات، ويمكن لحركة الترجمة إذا نشطت في ليبيا وباقي الدول العربية ممكن أن تفتح المجال أمام الأدب العربي عامة، والليبي خاصة أن يجد طريقه إلى المجتمعات الأخرى، ولعل أوربا استفادت من الحضارة العربية والإسلامية عندما قاموا بترجمة عيون الكتب في العلوم، والأدب، والفلسفة وغيرها. نحن أيضًا استفدنا  من الفكر الغربي ، ومنجزاته العلمية ، وكان ذلك عن طريق الترجمة ، والرحلات ، و إيفاد الدارسين ، العالم حاليًا قرية صغيرة ، ولكن المسؤولية تقع على عاتق الدول، والحكومات في التبادل الفكري ، والثقافي ، إنه شغل مؤسساتي وليس فرديًا .

 

كيف ترى عمق ما تكتبه من قصص؟

الجواب: من الصعب على الكاتب أن يحكم على قيمة ما ينتجه من نصوص، الحكم للقراء، وللنقاد، لأن المؤلف تنتهي علاقته بالنصّ بمجرد الانتهاء من تأليفه، وبذلك يصبح النصّ مشروعًا للمتلقي، وللنقاد، لأن كل ما يود الكاتب أن يقوله قد قاله من خلال النصّ، ولكن درجة تفاعل القراء مع النصوص يجعلني أشعر أن النصّ نجح في نقل الحالة الشعورية القصصية إلى القراء، نقلها كما تفاعلت لدى الكاتب لحظة الكتابة، من هنا نستطيع قياس عمق النصّ من عدمه، أنا دائمًا أعتمد على تفعيل الحالة القصصيّة. وكلما تمكن الكاتب من توظيف عناصر القصّة لخلق الحالة القصصيّة، تمكن من أن يكتب لنصوصه الخلود .

 

إلى أي حد ينحاز الكاتب للواقع؟

الجواب: في نظري أن الكاتب ينحاز للواقع بنسبة ثمانين في المائة، و بنسبة عشرين في المائة لعمل المخيّلة ، معادلة  الإبداع الأدبي خاصة الرواية والقصّة، معادلة غريبة ، حين نجد في النص واقعنا ، لكنه ليس الواقع الذي نعرفه، إنه الواقع بصياغة فنية، ورؤية إبداعية، فللنصّ زمن داخلي يختلف عن الزمن الواقعي ، والأمكنة حتى لو كانت تتحدث عن أمكنة حقيقية إلا أنها تختلف، وهذا السر في لعبة الأدب الإبداعي، هناك قصص تعتمد على الخيال الخالص، وهي نوع خاص، وهناك قصص الخيال العلمي، لكن القصة والرواية بشكل عام لابد أن يكون لها مرجعية واقعية لكنها لا تتناول الواقع بشكل توثيقي، أو تقريري مباشر.

 

عرفنا إلى عناوين نتاجك الأدبي؟

الإصدارات :

 1- الضجيج / قصص قصيرة عام

  1. عن الدار العربية للكتاب – تونس

2- للحبِّ / خواطر أدبيّة . عام 1981.عن المنشأة الشعبية للنشر والتوزيع والإعلان – ليبيا

3 – الدوائر / قصص قصيرة عام 1983عن المنشأة العامة للنشر والإعلان والتوزيع- ليبيا

4 – المرأة الفرح / قصص قصيرة. عن مجلس تنمية الإبداع، – ليبيا عام 2004.

5 – تفاصيل اليوم العادي / قصص قصيرة عن مجلس الثقافة العام – ليبيا عام 2006.

6 – ليل الجدَّات / الجزء الأول من كتاب الحكايات عام 2008. عن مجلس الثقافة العام – ليبيا

7 – التَّماهي / قصص قصيرة عام 2913 عن وزارة الإعلام والثقافة – ليبيا

8 – هذيان الوجع / قصص قصيرة عام 2019 عن الهيأة العامة للإعلام والثقافة – ليبيا

مخطوطات جاهزة للطبع :

1 – كتاب الحكايات / ستة أجزاء .

2 – اشتهاءات الدّم والرماد / قصص قصيرة.

3 – نحن المرايا / قصص قصيرة جدًا.

4 – دائرة النفوس / قصص قصيرة .

 

بصمة أخيرة تضعها لنا مسك الختام ؟

الجواب: الكتابة والقراءة هما الحياة بالنسبة إليّ، فطالما نحن نكتب ونقرأ نحن نعيش .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى