هاشتاغ (إلا رسولَ الله) خطأ لغوي وأخلاقي فادح

محمد موسى العويسات | فلسطين

هناك كثيرون من الإخوة والأصدقاء يسألون: ما صحّة العبارة التي اتخذت وسمًا (هاشتاغ) بلغة التّقانة الحديثة: “إلا رسولَ الله”؟

في البداية تحاشيت الجواب، لأنّ القضيّة أكبر من البحث اللّغويّ، ولكنّني أدركت أنّنا وأقصد كلّ الأمّة عاجزون في كلّ مناحي الردّ الواجبة، فلن نستطيع نصر نبيّنا، لأنّ حادثة هذا السّفيه (ماكرون) أنموذج من نهج مرسوم في مخطّط عالميّ، فما وجدت فرقا بين من يشتم الرّسول أو يسخر منه وبين مسلم لا يرى الإسلام صالحا لتنظيم حياة النّاس مثلا، وتقصير الأمّة بحقّ دينها ونبيّها بيّن.

 وهذا الوسم (الهاشتاغ) لا يسمن ولا يغني من جوع، بل هو أقرب إلى ردّة فعل عاطفيّة بريئة، عندها رأيت أنّه لا بدّ من الجواب، وسيكون الجواب بغلبة الظنّ، فهو قابل للنّقاش، ولكن من جانب اللّغة لا غير، أقول مستعينا بالله: إنّ هذه العبارة (إلا رسول الله) جزء من جملة استثناء محذوف شطرها الأول، الذي لا تتمّ إلا به، يعني المستثنى منه محذوف، وهذا لغةً لا يجوز، إذ لا يوجد سياق لغويّ يدلّ على المحذوف يلزم النّاس بتقدير واحد لا يختلفون عليه، ولا يقال إنّ سياق الحال يدلّ، فالحال وسياقها يفسّران القول لا يقدّران المحذوف، إلا في أشعار أو أحاجي أو استعارات معيّنة، فلا يجوّز الحذف لركن رئيس في جملة لا يقوم معناها إلا بركنين، والركنان هنا هما: (المستثنى منه أولا والمستثنى ثانيا)، فلا بدّ من مذكور نصًّا يفسّر المحذوف، وهذا يجري على أسلوب الشّرط أيضا،  فالرّسول عليه الصلاة والسّلام هو المستثنى، فمّما استثنيناه يعني ما المستثنى منه؟… وهذا قاد الكثيرين إلى تقدير يخالف الأحكام أو العقيدة، فقد أجمع السّائلون على إنّ الطّرف المحذوف هو: اشتموا كلّ النّاس إلا رسول الله، والرّسل والأنبياء من النّاس، وشتمهم والانتقاص من مقامهم هو كشتم رسولنا عليه الصّلاة والسّلام والانتقاص من مقامه في ديننا، فمن تطاول على موسى وعيسى عليهما السّلام يغضبنا أيضا. ولا يستبعد هذا التقدير لأنّ عبارة (إلا رسول الله) تقتضي أن يكون المستثنى منه الناس عامّة أو الأنبياء والمرسلين خاصّة، ولا أظنّ الناس من مستخدمي هذا الوسم قد قصدوا مثل هذا المعنى… فجاءت العبارة على غير ما تقتضيه اللّغة ويقتضيه المعنى…. فلو قالوا: نقبل كلّ شيء أو نسكت على كلّ شيء إلا شتم رسول الله، لكان المعنى أسلم، مع بقاء الحذف مخالفا للغة.

والله أعلى وأعلم، وصلّى الله على نبيّنا الكريم وسلّم تسليما كثيرا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى