سوالف حريم.. طابون ستي

حلوة زحايكة | فلسطين

وستّي -رحمها الله-كانت حريصة على وجود كلّ ما يحتاجه البيت، وكانت تُنوّع في اعداد الخبز، فعند عمل المناسف كانت تخبز الشراك على الصّاج، أمّا في الأيّام العاديّة فكانت تخبز على الطابون، وطحين ستّي كان من القمح البلدي الخالص، الذي كان من محاصيل أرضنا الزّراعية في البراري التي أغلقها المحتلون منذ العام 1967 “للاستعمال العسكري” كما يزعمون. وكان جدّي يعيب من يشترون الطحين من الأسواق، ويعتبر ذلك من القمح الأمريكي الذي يستعمل كعلف للحيوانات الدّاجنة ولا طعم فيه.

والطابون كانت تصنعه جدّتي بيديها، فتأتي بكمية من التراب الكلسيّ الأبيض”الحِوَّر” وتضع عليه ترابا أحمر وقليلا من تبن القمح أو الشعير، وتجبله بالماء ليصبح كتلة طينية، ثم تقوم بهندسته بيديها كما حجارة الطوب الصغيرة، وتقوم ببنائه على شكل دائري مخروطي، حتى يصل الى ارتفاع يقارب نصف المتر، ثمّ تعمل له غطاء طينيا فيه عيدان خشبية أو معدنية، وفي منتصف الغطاء يد يُحمل بها، ثم يُحاط الطابون بروث الغنم”الزّبل” الناشف واليابس، وبعد أن يجفّ الطين كما الفخار، كانت تضع حجارة صغيرة مربعة الشكل داخل الطابون، حيث يوضع العجين فوقها، لينضج على نار بطيئة محمرا باعثا رائحة شهيّة، والحكمة من استعمال روث الغنم أنّه يشتعل ببطء كما السيجارة، والطابون يبقى مشتعلا بشكل دائم، بعد إزاحة الرماد. وخبز الطابون هو من أشهى أنواع الخبز المعروفة، ولا يمكن مقارنته بالطابون المزيف الذي يعمل على الوقود السائل، وللطابون استعمالات أخرى حيث تُشوى فيه اللحوم والبطاطا والبصل والبندورة وغيرها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى