حكايا من القرايا.. ” طوشات جاهلية “

عمر عبد الرحمن نمر | فلسطين

 

ألا لا يجهلن أحد علينا………… فنجهل فوق جهل الجاهلينا

ولّعت في البلد، منجنيقات الحجارة تقذف، والمقاليع ترسل حجارتها، بينما الرجال الرجال يعربدون، يتصايحون، يعربدون ويشتمون، عصيّ ترفع، وأخرى تصافح الأجساد فتشويها، وحتى الأمواس والسكاكين انتقلت من مطابخها إلى أرض المعركة… والنساء تعاير النساء، وتردح وتولول… والناس دماياها حماياها… الحمّيش إلو ثلثين القتلة، وقد جرح الحمّيشة، وتحولت الأسلحة الحجرية الناعمة، والعصيّ إلى أسلحة أوتوماتيكية، ولعلع الرصاص… معركة حامية الوطيس أصيب بها كل من قسم الله له رصاصة، ونجا منها كل من له نصيب في النجاة… دشعت سيارات الإسعاف تنقل الجرحى، ودشع رجال يبدو أنهم من أهل الخير والإصلاح، دشعوا من أقصى المسافات يحجزون بين الفرقاء، ويوقفون هذه الميمعة المتدحرجة… وأتت الشرطة بقضّها وقضيضها تحاول وقف الطوشة، وإطفاء النار.

لحظات ترقب قاتلة، كل جماعة كانت تنتظر أن يموت أحد جرحاها، لتأخذ النار وتحرق دور القتلة المجرمين… إشاعات كانت تنتشر هنا وهناك كنار في الهشيم، وعائلات كانت تترقب اللحظات القاتلة لتنزح عن البلدة، وتفارق دورها… وبين فينة وأخرى تسمع فرقعة صياح من شاب احترق دمه، فانقض على الطرف الآخر، لكن الرجال الرجال الفزّيعة كانوا يردونه على أعقابه… ليلة مثل قاع الكيلة، بل أسخم… والناس فقدت عقلها، وأضحت العقول لا تساوي حجراً يطلق من هنا أو هناك، فيصيب الخصم…

هذا النعنع نعنعنا

الحمد لله، الله سلّم، وتشافى الجرحى، وزالت الخطورة بعد أربعة أيام بلياليها عن أبي سامي، أبو سامي كان في نصّ الميمعة، وأخذ نصيبه من الحجارة، وضربة موس في الخاصرة كادت تودي بحياته. ما زالت هناك أصوات تدعو إلى الهيجان والقتال، وأصوات أخرى تطلق الإشاعات: هذا قال، وهذه قالت، وأصوات ثالثة هداها الله لزرع الفتن بين الناس… ورغم التأزم الجزئي إلا أن الشرطة والغانمين سيطروا على الوضع…

في عليّة (أبو مفلح) والغانمون مجتمعون للحل والإصلاح، بسمل أبو ساطي، وحمد الله، وفاجأ المجتمعون: أتدرون سبب كل هذي الميمعة؟ وسكت القوم وكنت إذا رميت الإبرة بينهم سمعت صوتها… تابع الرجل: يا أحبابي، أم خلدون نسيت تزبن جاجاتها (تحبس الدجاجات في الخم)، وخلّت باب الخم (مفتوح)، والجاجات نَقْودِن نعنعات إم عزات… كشتهن إم عزات، طلعت أم خلدون، كلمة من هاي، وكلمة  من هاي، صارت مسبات، وخفشن شعور بعضهن، وطلعوا الحمشين ازلامهن يصيحوا ويضربوا… وتحزبت القبيلتان، واحدة مع نعنعات إم عزات، والثانية مع جاجات أم خلدون… والشيطان اللعين لهب لعبتو باب خم الجاج… وصارت العصا تسوى شلن… والكل عنتر… الكل راس فش ولا قنّارة… ولعلع يا رصاص… اليوم يومك يا رصاص… ردّ الحج خليل بكلمتين اثنتين: جهل وتياسة… وقال المبروك الصالح: وقلة حيا حيشا السامعين، وانفضت الجلسة على أن تستكمل في اليوم التالي بعد العصر…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى