دونكيشوت…
أسعد الجبوري-الدنمارك
دونكيشوت: أرى وجهكَ مُتصحراً يا سانشو ؟!
سانشو: من شدّة الرياح يا سيدي الدون. ففي كل لحظة أجد كثيب رمل في مكان ما على وجهي.
دونكيشوت: لا تشغل رأسك بما فوق الخط الأحمر يا سانشو. كن عاقراً من الأفكار مثل دابتك.
سانشو: لو بقي لي رأسٌ ،لهانت المصيبة يا سيدي الدون.
دونكيشوت: وما هذا الذي على كتفيك؟
سانشو: هذا رادارٌ يا سيدي الدون. يلتقط الصور والمشاهد والأفكار بشكل أوتوماتيكي، ودون استشارتي حتى.
دونكيشوت: ذلك أفضل من وجود رأس على رقبتك. فالرأس طالما يخطئ. وطالما يتلصص بالنظرات الماجنة، فيجلب لصاحبه العقوبات.
سانشو: ولمَ لا تضع مكان رأسك راداراً يا سيدي الدون؟
دونكيشوت: أنا صاحب رادار خفيّ يا سانشو.
سانشو: ويستطيع التقاط الصورة والأحداث والثورات وما وراء الثياب؟
دونكيشوت: وأكثر من ذلك.
سانشو: وما هو الأهم من ذلك يا سيدي الدون؟!!
دونكيشوت: حروب المخلوقات السريّة التي عادةً ما تحدث في الداخل الإنساني.
سانشو: يعني أن رادارك ظاهري- باطني يا سيدي الدون؟
دونكيشوت: أجل يا سانشو. ففي داخل كل إنسان حروب مختلفة. أخطرها تلك التي تتغذى على عقارب الرمال وثعابينها، فتنمو في الظلام.
سانشو: أراك تقدمُ اختزالاً لجميع حروبنا، فتوجزها بحروب الباطن؟!!
دونكيشوت: وتلك هي الحقيقة.فلو لم تلد الأعماقُ المظلمةُ حروبها في الباطن، ما كانت لتمتد إلى الخارج بكل هذا الطوفان الأحمر العنيف.
سانشو: سندقُ الخشبَ على الخشب، ونصنعُ سفينة للنجاة فنهرب.
دونكيشوت: ولمنْ نترك هاتين الدابتين حصاني وحمارك يا سانشو؟
سانشو: نتركهما للقدر. أو لمنْ يُشرعنّ لتلك الحروب العبثية، بتأويلات ضالّة، عادة ما تُنقح النيرانَ، ولا تمحو شهوات الموت.
((الممحاة))