تمكين المعلم في عصر الثورة الصناعية الرابعة .. رؤية تطبيقية

أ.د. جمال الدهشان | أكاديمي وتربوي مصري

 

أولا: مقدمة:

أن الثورة الصناعية الرابعة شأنها في ذلك شأن كل الثورات لها تداعيات عديدة على كافة مناحي الحياة، وإن كانت هذه التداعيات تختلف من ثورة إلى أخرى في نوعية وحجم هذه التداعيات، وكيفية التعامل معها ومواجهتها، ومن أبرز تلك التداعيات تداعياتها التربوية والأخلاقية.

إن هذا التطور التكنولوجي وتلك الثورة تتطلب ضرورة إعداد النشء، وتنشئتهم لمواكبة هذا التطور، وتمكينهم من مفاتيحها وذلك من خلال علميتي التعليم والتعلم اللتين تشكلان عنصرين أساسين في إحداث هذا التطور،  فالتعليم هو البوابة الملكية الرئيسة لدخول عصر الثورة الصناعية الرابعة  الذي يمثل التحدي الأكبر في القرن الحادي والعشرين والتمكين فيه، فدخول عصر الثورة الصناعية الرابعة ينبغي أن تقابلها ثورة في التعليم، وليس مجرد تطوير أو تغيير، فهو يعد الورقة «الرابحة» في المستقبل الرقمي، لبناء أجيال تواكب متطلبات تلك الثورة.

انطلاقا من أن المعلمين هم أحد أهم الأركان الأساسية التي يقوم عليها بنيان أي مجتمع، يصبح من الضروري تمتعهم بما يكفي من الحرية والدعم، والتمكين للاضطلاع بعملهم بالصورة التي تنعكس على تلاميذهم، وعلى المجتمع ككل

هذا التمكين يعدُّ من الأمور الأساسية التي يمكن أن تعينهم على تمكين طلابهم وأطفالهم من التعامل مع تلك التحولات مفاتيح المستقبل ومتغيرات العصر، وفي التعامل الرشيد مع المواقف والإشكالات التي تطرحها الرقمة، والتمكن من استعمال التقنية وضبطها بصورة مفيدة.

وإذا كان تمكين المعلم مهما وضروريا في كل الأوقات فهو أكثر ضرورة وأهمية في فترات التحولات السريعة والشاملة؛ حتى يتمكن الأفراد من مواكبة ما يصاحب تلك التحولات من تغيرات جذرية تتطلب العديد من المتطلبات حتى تتمكن من مواكبتها، والإفادة مما توفره من فرص عديدة تتيحها تلك التحولات، وتجنبها مما يمكن أن يترتب عليها من تحديات ومثالب.

إن الثورة الصناعية الرابعة أصبحت حقيقة واقعة على المستوى الدولي، وبدأت تغير من وجهة الاقتصاد وسوق العمل في العديد من الدول وأصبحت قوة حاسمة بالاقتصاد والتنمية الاجتماعية، محدثة تغيرات لا رجعة فيها وغير قابلة للتوقف على كل المستويات، ولذلك فإن مواكبة مبادئ وتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة لم تعد تخص مؤسسة واحدة بعينها، وإنما ينبغي أن تكون استراتيجية دولة ورؤية قومية ووطنية، لكون نتاجات هذه الثورة غير مقتصرة على مجال دون آخر، بل تؤثر في كثير من القطاعات والمجالات سواء التجارية والصحية والزراعية والقانونية والتعليم وغيرها .

فإذا كان دور المعلم في ظل الثورة الصناعية الرابعة يتمثل في إعداد كوادر بشرية قادرة على مواكبة متطلبات تلك الثورة ومتطلباتها، فإن قيامه بأداء ذلك الدور يتطلب ضرورة أن يكون مؤهلا للقيام بذلك من خلال برامج إعداد تتفق مع طبيعة هذا الدور، وهو ما يتطلب ضرورة إعادة النظر في مقررات وبرامج إعداد المعلمين؛ حتى تواكب متطلبات تلك الثورة، وتمكن المعلم من إعداد طلابه لذلك، وهنا يثار السؤال التالي: أي نوع من المعلمين سوف تستمر في الازدهار في ظل تعديات الثورة الصناعية الرابعة . What kind of teachers will continue to flourish in the Fourth Industrial Revolution?

يحتاج المعلم في ظل الثورة الصناعية الرابعة ثورة 4.0 أن يفهم أن التغيير أمر حيوي ويجب قبوله ويجب أن يكون مستعدًا لتحقيق التنميةThe teacher in the 4.0 revolution needs to understand that change is vital and must be accepted and he/she must be prepared for development

What kind of teachers will continue to flourish in the Fourth Industrial Revolution?

 

أشارت الدراسات إلى الأمر يحتاج معلم يتسم بالآتي:

  1. احتضان التغيير بإيجابية-Embrace Change with Positivityفمن الأهمية بمكان أن يكون المعلمون على استعداد للتعلم والتغيير مع تطور التكنولوجيا، ودخول مجال التعليم، كن إيجابياً ومستعدًا للتعلم والتكيف، وكن مستعدًا لمشاركة نجاحاتك وإخفاقاتك.
  2. التعاون، التعاون، التعاون- Collaborate, Collaborate, Collaborate: تعد الرغبة في التعاون والتعلم مع الآخرين، ومنهم من المهارات المهمة في عالم اليوم وفي المستقبل؛ نظرًا لأننا نتواصل أكثر من أي وقت مضى، لم تعد هناك أعذار لك لعدم التعاون مع الآخرين للتعلم والنمو.  
  1. الإبداع وتحمل المخاطر – Be Creative and take risks يعد الإبداع أحد المهارات باستمرار في “قوائم المهارات المستقبلية” كما هو موضح في هذه المقالة، نحن بحاجة إلى نمذجة الإبداع واستخدامه لحل المشاكل الأصيلة بشكل خلاق، وأن  يفكر خارج الساحة حول كيفية دمج الإبداع في روتينك اليومي، وتحمل المخاطر في ذلك، فالأخطاء FAIL هي الخطوة الأولى في التعلم FORWARD! .
  2. التمتع بروح الدعابةHave a Sense of Humor لقد كتب الكثير عن الضحك والفكاهة من قبل، كونها مهارة مهمة للمساعدة في تطوير العلاقات والحفاظ على الفرد عاقلًا في العالم المجنون الذي نعيش فيه الآن، إنه يقلل من التوتر والإحباط ويعطي الناس فرصة للنظر في ظروفهم من وجهة نظر أخرى، عندما أفكر في المعلمين المفضلين لديَّ من المدرسة فإنهم هم الذين جعلوني أضحك!
  3. الاهتمام بالتدريس الكليTeach Holisticically -مع ظهور أساليب التدريس وأساليب التعلم ونغمة التعلم الشخصي التي تظهر بشكل متكرر، من المهم أكثر من أي وقت مضى تعليم الطفل كله مع مراعاة الفروق الموجودة، تعرف على طلابك وعائلاتهم وكيف يتعلمون، وهذا الأمر يتطلب ضرورة بناء الدراسة على مشكلات تعليمية وابتكارية، ولا يتم تدريس مقرر إلا كانت له تطبيقاته المهنية داخل المدرسة إلى حد كبير.

  

ثانيا: معلم الثورة الصناعية الرابعة ( المعلم  4)

في هذا الإطار ظهر مصطلح جديد أطلق عليه Teacher 4.0

 Teacher 4.0 is concept to be adapted for future teachers who are able to handle new technology and who implement it efficiently in their classes

حيث يتم تكييف هذا المصطلح / المفهوم لمعلمي المستقبل القادرين على التعامل مع التكنولوجيا الجديدة التي تعكس الرقمنة الإبداعية لهذه الثورة، حيث يتعين على معلمي الثورة الصناعية الرابعة التعامل بذكاءء مع متطلبات ومخرجات هذه الثورة، الأمر الذي يفرض على مؤسسات إعداد المعلم تقديم دورات تدريبية لهؤلاء المعلمين لتنميتهم تكنولوجيا وذلك في أثناء الخدمة، وإتاحة الفرص أمامهم لكيفية استخدامها بطريقة تقنية، وتوظيفها بطريقة صحيحة وفعالة في الموقف التعليمي.

إن الثورة الرقمية الإبداعية الرابعة فرضت على معلم القرن الحادي والعشرين تغيير أدواره فلم يعد المعلم النمطي الذي يركز على حفظ المعلومات، ولكنه لا بد أن يكون قادرا على استخدام التكنولوجيا وإدارتها وتوظيفها في العملية التعليمية، إذ سيتحول المعلم من ممارسة أدواره التقليدية إلى الشعور بمحتوى الموضوع، وعليه سيستخدم المعلم (4) الماهر المهارات الأكثر ملائمة لتناسب احتياجات الطلاب وتحقيق أهدافهم التعليمية، وإذا كانت الثورة الصناعية الرابعة فرضت مجموعة من المهارات أهمها: القدرة على التفكير الناقد، وتنمية مهارات التفكير العليا، واستخدام وإدارة التكنولوجيا؛ فإن ذلك أدعى إلى تجديد أدوار المعلم بما يؤدي إلى تنمية تلك المهارات لدى الطلاب، فالمعلمون في العصر الرقمي أصبحوا يتحملون المسئولية في إعداد طلابنا، وتزويدهم ليس فقط بالمعرفة والفهم للتقنيات، ولكن أيضًا المهارات اللازمة لاتخاذ القرارات المهنية الصحيحة والازدهار في العمل في ظل تلك التقنيات، حيث تقدم الثورة الصناعية الرابعة مجموعة من التحديات التي يحتاج المعلمون إلى معالجتها من أجل الاستمرار في تقديم التعليم المناسب لطلاب اليوم.  

 

ثالثا: تمكين المعلم في عصر الثورة الصناعية الرابعة:

                   يمثل تمكين المعلمين  (Teachers Empowerment) بصفة عامة أحد أكثر القضايا شيوعاً في أدبيات الإدارة الذاتية للمدارس School Based Management في المجتمعات الغربية، كما يعد الركن الأساسي في معظم الجهود المبذولة للإصلاح التربوي المعاصر في كثير من دول العالم وحتى الدول العربية، وأصبح تمكين المعلمين موضع نقاش واسع بين الباحثين، يسعى لترسيخ روح المسئولية والاعتزاز بقوة العمل في المدرسة، ويعدُّ الأساس الذي يمكّن المعلم من تحمل المسؤولية، ومواجهة التطورات والتحديات في المجال التعليمي ، ويفرض أنماطا سلوكية تتناسب وطبيعة العمل، واتخاذ القرارات المتعلقة به، وهو يعدُّ من أهم ضمانات استمرارية المؤسسة، فهو يساعد في رفع الروح المعنوية للمعلمين، وإظهار قدراتهم، كما أن تمكين المعلمين يلعب دورًا في إشباع حاجاتهم الأساسية من تقدير واحترام وعلاقات تعاونية مع الرئيس والزملاء مما ينعكس إيجابًا على مكانة المعلم وولائه التنظيمي.

وإذا كان تمكين المعلمين مهما وضروريا في كل وقت فإنه يصبح أكثر أهمية في ظل ما تشهده المجتمعات المعاصرة ومؤسسات التعليمية يصبح أكثر ضرورة وأهمية، ففي ظل ما تشهده تلك المجتمعات من زيادة في مستويات العولمة والتكنولوجيا الأكثر تعقيداً، أصبحت هرمية السلطة الآمرة التقليدية أقل ملائمة، وبدلاً من ذلك فالعاملون ينبغي أن يتعلموا تحمل المبادرة، ويكونوا  مبدعين، ويتحملوا المسئولية في أعمالهم، فهم يحتاجون إلى التمكين، إذ إن الحرية في اتخاذ القرار بصدد ما يجب عمله، وكيف يؤدى العمل، والحرية في القيود التنظيمية وأداء العمل تعزز الطاقة الإبداعية، ومواجهة العقبات والتحديات التي تحول إعداد الطلاب لمواجهة متطلبات تلك العقبات والتحديات، فلم يعد تمكين المعلم من المعلوماتية مسألة تكميلية لمهاراته، بل بات مقوماً أساسياً من مقومات أهليته وجودة مهنتيه .

الواقع انه اذا التمكين يعرف على أنه حالة ذهنية داخلية تحتاج إلى تبنٍ وتمثُل لهذه الحالة من قبل الفرد، لكي تتوافر له الثقة بالنفس والقناعة بما يمتلك من قدرات معرفية تساعده في اتخاذ قراراته، واختيار النتائج التي يريد أن يصل إليها ، فانه يقصد بتمكين المعلم” عملية تتعلق بتقوية قدرته على القيام بأدواره في ظل ما يعيش من متغيرات وتحديات، من خلال منحه السلطة والصلاحية لصنع قرارات مهنية تتعلق بعملية تعليم وتعلم الطلاب، والقدرة على التأثير في نواتج العمل المدرسي، والإحساس بالتقدير والمكانة المهنية، والفعالية الذاتية، والنمو المهني.

إذا كان مصطلح التمكين في عصر الثورة الصناعية الرابعة يستخدم للدلالة على الطرق التي يستطيع المعلم من خلالها التعرف على طبيعة ومقومات واستراتيجيات تقنيات الثورة الصناعية الرابعة بما يجعلهم عناصر فعالة بشكل يجعل دوره مع طلابه يتجاوز الدور التعليمي إلى الدور التحويلي والتيسيري.

فان تمكين المعلم  في عصر الثورة الصناعية الرابعة  يعرف على أنه شكل من أشكال التمكين الرقمي يستهدف تدريب المعلمين، وتمكينهم من توظيف إمكانات وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة في العملية التعليمية- التعلميّة والعمليات المساندة لها وذات الصلة بها، توظيفا آمنا مسئولا، بمهارة وكفاءة وفاعلية، وثقة واهتمام وأمانة، وضبط وتحكم وسيطرة، بالشكل الذى يمكنه من تخريج أجيال قادرة على التعامل مع ادوات العصر والاندماج فيها، وعلى بناء المعرفة والإبداع والابتكار والريادة فيها، والتمكن منها، وإرشادهم إلى كيفية الحصول على المعلومات وكيفية توظيفها في جوانب حياتهم المختلفة.

 

رابعا: المتطلبات اللازمة لتمكين المعلم في عصر الثورة الصناعية الرابعة

أشارات الدراسات إلى أن تمكين المعلم في عصر الثورة الصناعية الرابعة يستلزم مجموعة من المتطلبات من بينها:

  • توافر المعرفة وامتلاك المعلومات والبيانات حول الثورة الصناعية وتقنياتها، تعد المعرفة والمعلومات هي المدخل والمتطلب الأولى للتمكين بصفة عامة، فكلما زادت خبرة الفرد ومهارته ومكتسباته المعرفية، زادت قدرته على تأدية مهام عمله بكفاءة واقتدار واستقلالية أكبر.
  • تطوير منظومة التعليم وفلسفته من خلال رؤية فلسفية واضحة، لتحديث العقل المصري والعربي لمواكبة متطلبات الثورة الصناعية الرابعة، وتوظيف الإمكانيات الرقمية لاستمرارية الحياة البشرية، وتقوم على توفير بيئة تعليمية قادرة على تغيير العقلية العربية التي ستتعامل مع تلك الرقمية، عقلية علمية مبدعة ناقدة فاهمة للمعرفة، وقادرة على إنتاجها بشكل منطقي وموضوعي.
  • بناء ثقافة مدرسية تشجع على الابتكار والإبداع والعمل الجماعي والدراسات البينية والتطبيقية وتقبل كل ما هو جديد، والتفاعل معه من خلال وضع استراتيجية طويلة الأجل تزويد البيئة المدرسية بتقنيات ومحركات الثورة الصناعية الرابعة، وتنمية وعي الطلبة بمتطلبات التعلم في عصر الثورة الصناعية الرابعة من خلال مختلف الفعاليات التربوية.
  • الارتقاء بمستوى المعلم رقمياً وتكنولوجيا، سواء تم ذلك خلال عملية إعداده أو ما يتم معه من برامج تدريب، وبرامج بعد التحاقه بالخدمة، خصوصا بتنميته مهنيا وتقنيا.
  • توفير منظومة أخلاقية وتشريعه لتنظيم استخدام والتعامل مع تقنيات الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي بما يزيد من فرص الاستفادة منها، وتجنب المخاطر التي يمكن أن تترتب على سوء استخدامها
  • تطوير البنية التحتية والتقنية للمؤسسات التعليمية، فالبنية التحتية الذكية متطلباً أساسياً من متطلبات تمكين المعلم في عصر الثورة الصناعية الرابعة الجامعة الذكية لتوفير حياة أكثر راحة وأمناً وصحة وتطوراً للطلاب والمعلمين والإداريين وجميع العاملين بالمؤسسة التعليمية.

 

خامسا: تصور مقترح لمتطلبات تمكين المعلم في عصر الثورة الصناعية الرابعة:

  • هدف التصور المقترح:

يتمثل الهدف الرئيس لذلك التصور في وضع رؤية مقترحة لمتطلبات تمكين المعلم في عصر الثورة الصناعية الرابعة؛ حتى يكون قادرا على تمكين طلابه من مقومات الثورة الصنعية الرابعة وجاهزيتهم لها، وإجراءات تحقيق ذلك، والتحديات التي تواجه ذلك، وكيفية مواجهتها.

  • منطلقات التصور المقترح:

 يستند هذا التصور على المنطلقات التالية:

  • أن التحول الرقمي والانتشار السريع لتقنية المعلومات والاتصالات قد صار واقعاً مفروضاً لا مهرب منه؛ وأنه أثر على ابناءنا في جميع مراحلهم العمرية المختلفة، وعلى تنشئتهم ثقافيا وتربويا واجتماعيا، وقناعة بأن الاستجابة لهذا التحول يجب أن تكون شاملة ومتكاملة من خلال تنشئة جديدة تعتمد على بنية مفاهيمية متكاملة ومترابطة، وتشكيل مجموعة من القيم والقدرات المطلوبة، وفق نسق فكري جديد يؤسس لعلاقة عضوية بين الطفل وهذا التحول الرقمي والثورة الصناعية الرابعة في إطار وعي كوني.
  • أن التقدم التكنولوجي الهائل والسرعة المذهلة التي يشهدها العالم، زاد من معدلات الحاجة إلى أجيال قادرة على مواكبة المستقبل، ومن هنا جاء الدور على نوعية المعلم ومستوى ما يقدمه لصناعة مثل الأجيال الجديدة.
  • أن الثورة الصناعية الرابعة أصبحت واقعا معاشا وليست مسالة اختيار، فهيلا محالة قادمة وبقوة إلى كافة المجالات، سـواء الطبية أو التعليمية أو العسكرية أو الترفيهية أو غيرها من مناحي الحياة، ولا ينبغي لنا أن نخشاها رغم الإقرار بوجود سلبيات مرتقبة أو محتملة، فهدفها في النهايــة خدمتنا، ولا بد من تجهيز ابناءنا وتمكينهم من متطلبات تلك الثورة.
  • أن تمكين المعلم من مقومات وأدوات العصر يعدُّ حاجة أساسية من الحاجات الضرورية لتمكينه من تنشئة طلابه وتأهيلهم للحياة في المستقبل، وتمكينهم ليكونوا مهيئين ومستعدين لهذا التحول الرقمي والولوج في عصر الثورة الصناعية الرابعة بفرصها وتحدياتها، فهو أحد المداخل الأساسية لتمكين طلابه من مقومات تلك الثورة وتقنياتها وتجهيزهم للتفاعل معها بكفاءة وأمان.

 

  • إجراءات تطبيق التصور المقترح:

تتمثل إجراءات تطبيق التصور المقترح في الإجراءات التالية:

ا-  البدء في وضع نظام تعليمي جديد، يقوم ادماج وتوظيف التقنيات الرقمية ومن بينها تقنيات الثورة الصناعية فيه.

ب-  تطوير برامج إعداد المعلم بحيث تكسب الخريج المهارات والتقنيات التي تتعلق بتقنيات الثورة الصناعية الرابعة، وتطوير مواصفات خرجيها.

ج- تدريب أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم (معلم المعلم) بمؤسسات إعداد المعلم على الاستفادة من تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، وتوظيفها والاستفادة منها في خدمة العملية التعليمية والتربوية.

د-    الاهتمام بتعليم الطلاب المعلمين وإكسابهم مهارات المستقبل كتعليمهم التفكير النقدي، ومهارات التحليل، والتطوير، والابتكار، وتنمية مهاراتهم الإبداعية، وتجهيزهم لسوق العمل المستقبلي.

 هـ-  تغيير مساقات التعليم، والتخصصات الدراسية داخل مؤسسات إعداد المعلم والتوظيف الفعلي للتكنولوجيا داخل تلك المؤسسات، مثل مساقات تطبيقات إنترنت الأشياء في التعليم، وكيفية توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي في خدمة عمليتي التعليم والتعلم، الاستفادة من آليات التعلم العميق في ميكنة التقويم والامتحانات.

و- تطوير برامج تدريب المعلم وتنميته مهنيا وتكنولوجيا بما يتفق ومتطلبات الثورة الصناعية الرابعة.

ز- الاهتمام بتدريب الطلاب المعلمين على تقنيات التعليم الإلكتروني، مهارات استخدام مصادر المعلومات والبحث عن كل ما هو جديد، مهارات التفكير الناقد والتعليم المستمر، الاستفادة من الفرص العديد التي تتيحها تقنيات الثورة الصناعية الرابعة في تدريب الطلاب المعلمين على إكساب طلابهم المهارات التي يتوقع أن يحتاجوا إليها.

ح – تحديث الأنظمة والتشريعات، والقوانين في كافة المجالات، ووضع مواثيق أخلاقية للتعامل الآمن، تقنيات وتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة.

ط-   الاستفادة من الخبرات والتجارب الإقليمية والعالمية في تطوير برامج إعداد وتدريب المعلمين لتلبية متطلبات الثورة الصناعية الرابعة والاستفادة من تطبيقاتها، مع الاهتمام بالمعايير الدولية لبرامج إعداد المعلمين والموائمة بينها وبين برامج إعداد المعلمين في الجامعات العربية.

ي- تطوير البنية التحتية والمعلوماتية وخدمات الإنترنت في مؤسساتنا التعليمية؛ إضافة إلى توافر البرمجيات والتطبيقات والمنصات التي يمكن توظيفها في التوعية بالتكنولوجيا الرقمية، من خلال توفير بنية تحتية رقمية وانظمة اتصال متقدمة ومنصات متكاملة تدعم السرعات العالية ومنخفضة التأخير.

ك- إدخال برامج تنمية المواطنة الرقمية والاستخدام الآمن للإنترنت والذكاء الرقمي وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي ومحو الأمية المعلوماتية ضمن البرامج التدريبية للمعلمين بما يجعلهم قادرين على نقلها لأطفالنا لحمايتهم من الآثار السلبية التي تنجم عن سوء تعاملهم مع تطبيقات التكنولوجيا الرقمية.

 

  • متطلبات تطبيق التصور المقترح:

في ضوء ما تم ذكره عن متطلبات تمكين المعلم في عصر الثورة الصناعية الرابعة يمكن تحديد متطلبات تطبيق هذا التصور فيما يلي:

  • توافر المعرفة، وامتلاك المعلومات والبيانات حول الثورة الصناعية وتقنياتها للمعلمين والطلاب وأفراد المجتمع.
  • تطوير منظومة التعليم وفلسفته 
  • بناء ثقافة مدرسية تشجع على الابتكار والإبداع والعمل الجماعي والدراسات البينية والتطبيقية وتقبل كل ما هو جديد والتفاعل معه.
  • الارتقاء بمستوى المعلم رقمياً وتكنولوجيا، سواء تم ذلك خلال عملية إعداده أو ما يتم معه من برامج تدريب وبرامج بعد التحاقه بالخدمة.
  • توفير منظومة أخلاقية وتشريعه لتنظيم استخدام والتعامل مع تقنيات الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي.
  • تطوير البنية التحتية والتقنية للمؤسسات التعليمية.

 

  • صعوبات تطبيق التصور المقترح وسبل التغلب عليها:

تتمثل الصعوبات التي يمكن أن تواجه تطبيق ذلك النموذج فيما يلي:

  • قلة الوعي بالثورة الصناعية وتداعياتها على النظام التعليمي.
  • ضعف البنية التحتية في المجتمع والمؤسسات التعليمية بشكل خاص مثل ضعف نظم الاتصالات والمعلومات مثل ضعف وانقطاع الإنترنت.
  • انتشار الأمية المعلوماتية (information illiteracy) وانخفاض مسنوى الوعي المعلوماتي بين أفراد المجتمع وطلاب الجامعات وكذلك المعلمين.
  • رضا المعلمين بالأوضاع الراهنة ومقاومة كل تجديد وتغيير والخوف منه.
  • افتقادنا في المجتمعات العربية لوجود رؤية واضحة للتعامل مع تحديات الثورة الصناعية الرابعة وتقنياتها، رغم وجود العديد من المبادرات والمؤتمرات في هذا المجال الا انها غير كافية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى