غربــاء
شعر: محمد الدمشقي
مثل كومةٍ من الانتظارِ اليابس
على مضضِ رصيفٍ قلِقٍ
نمضغُ الطريق
بخطواتِنا المستعارة
و سرابِ أقدارنا
مترنحينَ بلا مصير
بكاملِ أناقةِ الذبول ،
بصمتٍ مبحوح
و كلماتٍ مستهلكة
تكرِّرُ سُداها
كشريط أخبار متعب
ببسماتِنا الصفراءِ نتساقط
ناظرينَ إلى جثثِنا
بعينٍ مطفأةِ الحلم
و بقايا من رغيف دمنا الطازج
نجمعُ أسماءَنا المستعجلة …
و أشلاءَ أيامِنا
و نضعُها في الماء
كزهورٍ شاحبةٍ …
نبتَتْ في كفِّ الغرق
قلوبُنا ؟
أقبيةٌ باردةٌ
تنامُ على جمرِها
كلما أجَّ الحنين
غرفٌ موحشةٌ
أغمضوا نوافذَها
مخافةَ عبورٍ أحمقَ لغدٍ دخيل
أو تسرُّبٍ مشبوه ….
لأجنحةِ فكرةٍ بيضاء
***
أرواحُنا ؟
قناديلُ خافتةٌ
زيتُها مسفوح
كلما أشرقتْ….
قطفوا صباحاتِها
و سكبوا هديلَها
للحريق
***
أجسادُنا ؟
شموعٌ جفَّتْ
كعظامٍ ضائعةٍ في أمسِها
أغصانٌ مقفرةٌ
مبتورةُ الذكريات
تنتظرُ أن يكنسَها العابرونَ
إلى الضباب
لتكونَ وقوداً
لرقصةِ موتٍ
أو لسيارةٍ…. ماجنة
***
كسربٍ من الآهات
يمتصُّنا المدى
في دمعِنا نبحرُ
بأشواقٍ مطاطية
و مراكبَ من ورق
و قصائدَ مثقوبة
لا يرتدُّ إليها شذاها
و لا يترنمُ بها سوى الدخان
مؤجلون …
كأنشودةِ مطر
مؤقتونَ
كتخديرٍ موضعي
بخير …
مثل جرحٍ تخثَّر
و رمادٍ لم يُردمْ بعد
…
ميتون … كما ينبغي
نتناولُ أقراصَ القهرِ بانتظام
قبلَ العناءِ و بعدَه
نأكلُ الهمومَ بشراهة
و نعودُ الى قبورِنا الافتراضية
بمنتهى الشفافية
….
أحياء ….
بكلِّ أوراقِنا الثبوتية
و أرقامِنا التسلسلية
و تجميلنا المترهل
كسمكةٍ في زجاجة
نرتطمُ بأمسنا كلما عبرَ إلينا البحر
أقصى أمنياتنا
أن ننتقل من كأسٍ الى أخرى
دون أن نراق !!
و ما زلنا نكتبُنا
بأناملَ مكبلة
نرسمُ قمراً في سقفِ توقعاتنا
كي نتعلَّقَ بنعاسِه
و نعدُّ نجوماً في الظهر
و خرافاً في الليل
من خلفِ الكذبة .. نبتكرُ عشقًا
و نقبِّلُ شفاه الزجاجِ بطيشٍ أخضر
نتتبعُ خبرًا عاجلًا في مدغشقر
و زيادةَ رواتبَ في موزمبيق
نتغزلُ بسيقانِ الوطن
بكلِّ مجون
و ننتشي بأقداحِ الوهم
حد الثمالة