الرصاصة الأخيرة.. (قصة قصيرة)

فوزية أحمد الفيلالي| المغرب

لمع حذاءه، صفف شعره بعدما ملأ أجواء الغرفة بعطر الكولونيا الذي يسد أنفاس نسائم  الصبح المنعشة .

خرق عبق القارورة  رئتي زوجته الملقاة على صدرها تتقلب  كسمكة “قُرب” سمينة جدا…

تتفوه مغتاضة : اوف خنقتني…!

ثم تستمر في ترديد صوت زفيرها كمن صعد مائة درج  لعمارة تحت الأنقاض.

ككل يوم قبل خروجه للعمل يلبس زيه العسكري بعد حلق ذقنه وشرب قهوته ليعدل مزاجه  كعادته…

تلتف حوله بعض الحسناوات من الزميلات تسرقن  بعض النظرات المتطفلة فهو جميل الطلعة ناصح البياض …

قليل الكلام …جميل الابتسام…مواظب حد المبالغة في عمله فالمسؤولية التي يرأسها تسكن فؤاده حتى  النخاع…

هو “عامر ” تقلد مناصب عدة في وزارة الدفاع …

تغيرت مراتبه  ترتيبا تصاعديا ولم تتغير مبادؤه يوما. بل سلكت بالتدريج التنازلي للرياضيات خلقا متواضعا.

صامد كنخلة عذراء أو كصخر أطلسي الامتداد…

في طريقه، لاحظ بعض المارة يتدافعون…يصهلون…يحاولون الاختباء خلف بعضهم البعض…أصابه اندهاش مفاجئ…

حاول استقصاء الخبر…

ثم ركن سيارته جانبا …نزل  مستقصيا  الأخبار…

اندهاش كبير غمر جسده …تغيرت سحنته…هناك طارئ …البلد ليست بخير …فوضى عارمة المنحى ..سيل من اللافتات والحجارة تتقاذف على أجنحة طير أبابيل  …فيل الحبشة هدم أواصر ناي راعي الديرة…فيما السماء ورقص غراب الليل على زغاريد الفزع والهول …غزو جراد لأرجل غليظة بأحذية سوداء غريبة الهوية …أسنان تقض رقاب الأبرياء …نساء تخلين عن زينتهن وطلين أوجههن بغبار رماد الغزو المجاني…فاحترقت قلوب النجوم الحالمة التي تعيش تحت دفء أرض عذراء كانت تنجب أشجار الزيتون وماء قرأنا…

احترق مكسورا..المشهد درامي!؟

يد تخنق الصبي وهو يحمل علم بلاده ويصبح بأعلى صوته المبحوح…وا أماه!…وا بيتاه..!

ضغط على لزر مسدسه … يده بها مس جنون وقلبه يتدفق شلال حزن…سقط مغشيا عليه

نسي أن يعبئ خرطوش مسدسه بعد الرصاصة الأخيرة التي أطاحت رأس الغزال البري…

خسف القمر ومازال الأبناء  ينتظرون… رسالة من عزرائيل!؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى