صفقة القرن.. فلسطين بين اغتيال القضية واحتلال الأرض (2 – 3)

إبراهيم الهمداني | اليمن

 ترامب.. البوق الأكثر ضجيجا وفشلا في تاريخ المشروع الصهيوني 

إذا كان ترامب قد تبنى دعم وتنفيذ المشروع الصهيوني علنا، وتصفية القضية الفلسطينية صراحة، فما ذلك إلا استكمالا لجهود سابقيه، من رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية، وتنفيذا للخطوة الأكثر جرأة، حسب تسلسلها الزمني في المشروع، ومن المؤكد أن الماسونية قد اختارت لهذه الخطوة الجريئة والخطيرة، الرجل الأكثر جرأة وقبحا وصلفا ووقاحة ونذالة، ولا شك أنه قد تم إعداده للقيام بهذا الدور أخلاقيا وقيميا ونفسيا و…… الخ، ولا استبعد كونه من ضمن ما سمي “اتحاد يتامى العالم” ، الذين كانوا نتيجة الاغتصابات التي تعرضت لها أمهاتهم في الحرب العالمية الثانية، حيث بلغت أعدادهم حوالي مأتين وخمسين الف طفل، مجهول الأب، وقد تبنتهم الماسونية، عبر منظمات الأمم المتحدة، وأعدت لهم ملاجئ خاصة، بعد فصلهم عن أمهاتهم، وقامت بتربيتهم وإعدادهم وفقا لقواعد شيطانية، تقتل فيهم كل ما هو إنساني وجميل، وتمحو عنهم كل القيم والمبادئ والأخلاق، وتكرس فيهم السلطة إلها، والشيطان قدوة، واستعباد العالم مشروعا، ونشر الفوضى والدمار والموت هواية، والغاية تبرر الوسيلة نهجا، وصولا إلى إعلان سيادة الشيطان، كما يحلمون بذلك.

سبق أن أعلن ترامب عن صفقة القرن، وأصدر قرارا – يحاكي وعد بلفور – منح بموجبه القدس عاصمة أبدية لليهود، وفلسطين وطنا قوميا لهم، وكان من ضمن استراتيجيات التنفيذ المعتمدة سلفا، نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، يليها نقل سفارات غربية وأوربية وعربية، بعد حشد تأييد عالمي، وتنسيق مسبق عالي المستوى، لكن تلك الخطوات كانت أمريكية انفرادية محرجة للغاية، وكانت من ضمن مدارات الفشل، التي سقطت فيها صفقة القرن، بينما كانت الخطوة الثانية تقتضي تصفية القضية الفلسطينية من الداخل العربي، من خلال حركة التطبيع الشاملة التي نسق لها كوشنر على أعلى المستويات، وتبنتها السعودية والامارات والبحرين، بمباركة ورعاية أمريكية صهيونية، وكانت ورشة/ قمة البحرين، هي الواجهة السياسية لانطلاق مشروع التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني، غير أن يقظة محور المقاومة من جانب، وما تبقى من صحوة الشعوب العربية والإسلامية من جانب آخر، قد أفشلت ذلك المشروع، وبقيت مخرجاته لعنة على وجوه متبنيه، وعارا لاصقا بهم، ودليلا على سقوطهم، وإدانة لهم، وفضحا لحقيقتهم، وشاهدا على قبحهم وتآمرهم على الإسلام والمسلمين.

يمكن القول إن فلسطين لم تعد ذلك الإطار الجغرافي، ولم تكن يوماً مقيدة بحدود المكان أو الزمان، ولا تقف عند اغتصاب المقدسات وتهويدها، وليست مجرد عنصرية دينية أو قومية، بل فلسطين أكبر من كل ذلك، لأنها قضية الإسلام في مفهومه الشامل “إن الدين عند الله الإسلام” وهوية المسلمين كافة وعنوان وجودهم الأخير، في حربهم الكونية الشاملة ضد محور الكفر والشر بزعامة الشيطان، وبعبارة أدق:- تعد فلسطين/ القدس في أبعادها الأيديولوجية والميثولوجية والابستمولوجية والتاريخية والعقائدية و……إلخ، عنوان المعركة الأخيرة الفاصلة بين أنصار الله وجنوده، وأنصار الشيطان وعبيده، والخط الفاصل بين الحق والباطل.

فشلت صفقة القرن الأولى، وسقط في مستنقع قبحها كل الخونة والعملاء وعلى رأسهم حكام السعودية والبحرين والإمارات، وباءت جهود كوشنر بالفشل الذريع، وحالت هزائم أمريكا وعملائها النكراء في اليمن وسوريا والعراق وإيران ولبنان، دون تحقيق أي تقدم يذكر في مسار تلك الصفقة، وحين عجز ترامب عن الوفاء بوعده لليهود، الذين طلبوا خطوات عملية، وليس فقط قرارات سياسية ومعارك دبلوماسية، فلجأ إلى تغطية عجزه باغتيال الشهيد المجاهد قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، ظناً منه أنه قد قضى على القضية في مهدها وقائدها، وحقق مكاسب سياسية واقتصادية واستعمارية كبيرة، أولها :- النيل من إيران كقوة مناوئة، وثانيها:- وفرض السيطرة الكاملة على العراق، ودول الخليج، والاستيلاء الكامل على الثروات والنفط، وثالثها:- كسر محور المقاومة في تبنيه لقضية فلسطين و القدس خاصة، ومشاريع التحرر من الهيمنة عامة، ورابعها:- كسب ود اللوبي الصهيوني، وضمان دعمه لتولي فترة رئاسية ثانية، مقابل تخليصه من أعظم كابوس، جثم فوق أحلامه، وزعزع كيانه، وهدد وجوده واستقراره، وأفشل مخططاته في المنطقة، وأحرق ورقة رهانه الأخيرة، ممثلة بالدواعش، في سوريا والعراق.

……….

الآراء الواردة في المقالة تعبر عن رأي الكاتب وجريدة عالم الثقافة لا تتحمل أدنى مسؤولية عنها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى