أبعد من تكتيك انتخابات

أمير مخول | فلسطين

 

لا يبدو أن ما نشهده هو مجرد مسعى من نتنياهو لكسب أصوات من الشارع العربي في الداخل، بل إنه مسعى من رئيس حكومة إسرائيل ودولته واستخباراتها لمحاصرة التيار الوطني في الداخل بأحزابه وحركاته، في محاولة للإجهاز على الثقافة الكفاحية لهذه الجماهير التي لم تحقق أي إنجاز في تاريخها إلا بالنضال، ومن دون النضال لن تحقق إلا الوعود الواهية.

هذه الهجمة العلنية هي في طبيعتها استراتيجية وليست تكتيك انتخابات فحسب، والقضاء على مقومات الوحدة الوطنية والكيانية هو مشروع هذه الدولة منذ أن قامت على نكبة شعبنا. فبعد أكثر من عقدين من الاستنزاف المتواصل والهادف لقوى المجتمع الفلسطيني بالجريمة من ناحية وبالسياسات المباشرة من هدم وملاحقات وحظر حركات، تعتقد المؤسسة الحاكمة إنه آن الآوان لقطف ثمار مشروعها التفتيتي لجماهير شعبنا.

من يظن نفسه من بين ظهرانينا إنه يضرب بسيف السلطان ويجاهر في ذلك سعيا وراء السطوة، سيكتشف قريبا أن هذا السلطان لا يأتمنه على سيفه، وسيكتشف أنه خسر شعبه الذي يرفض التذلل للمستعمر حتى وإن كان التذلل بلهجة العربدة، فلا سطوة على إرادة الشعب لا من الدولة ولا ممن اختار التحالف معها ويقول لأهل البلد “ارحل”.

إن المظاهرة التي تنادت إليها القوى الوطنية في الناصرة وخارجها والتي واجهت شرطة القمع وجهاز الترهيب، هي شعلة وطنية لها ما بعدها وهي انطلاقة وليست نهاية مطاف. فقد مدّت جماهير شعبنا بجرعة من الأمل والإرادة التي تعرفها هذه الجماهير.

إن استهداف القوة الوطنية الفلسطينية في الداخل وتهميش وزنها ودورها لا ينحصر في حدود هذا المكان، بل هو جزء أساس في السعي الإسرائيلي لتفتيت القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني وحقوقه، وفي فك الارتباط بين مركبات الشعب الفلسطيني.

إلا أن السعي لمحاصرة القوى الوطنية، وباعتقادي تراجع وزنها وأثرها الجماهيري، لا يعني أمرا مسلّما به، بل يتطلب إعادة التفكير الجماعي وإعادة الاعتبار للعلاقة مع الناس والتمسك بالثوابت الوطنية.

لم يكن الصوت الأعلى في الأمس لرئيس حكومة إسرائيل ولا لرئيس بلدية الناصرة، بل صوت مظاهرة الأمل والكرامة الوطنية، فلا صوت يعلو صوت الناس. إنها صوت الناصرة، إنها صوت وضمير جماهير شعبنا ومعها كل أنصارها.

كل التحية إلى المتظاهرات والمتظاهرين الذين تصدوا بإراداتهم وبأجسادهم لاعتداء الشرطة

كل التحية إلى الذين جرى الاعتداء عليهم واعتقالهم وإصابتهم

لقد صنتم كرامة شعب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى