سوالف حريم.. اليتامى
حلوة زحايكة | القدس العربية المحتلة
لم يتجاوز عمري التاسعة عندما بدأت العمل مع شقيقي اللذين يكبرانني بقليل، أحدهم (11) عاما والآخر (13) عاما في تنظيف السلالم داخل بنايات المستوطنة التي أقيمت على أرض أهلي وأجدادي وقريتي، لنساعد والدتي على تحمل أعباء الحياة، وتوفير لقمة العيش بعد إستشهاد والدي، كان على كل واحد منا مهمة حتى نستطيع العمل بشكل فريق متكامل.
واحد مهمته الكنس من أعلى إلى أسفل، والآخر يملأ الوعاء البلاستيكي “السطل” بالماء، ويصعد به من الطابق الأول إلى الطابق الأخير، بعض البنايات تتكون من ستة طوابق أو ثمانية ثم يبدأ بسكب الماء، وسحبه وتنظيف الدّرج إلى أن يصل الطابق الأول مدخل البناية، ثم يأتي دوري لكي أقوم بالتنشيف من بعده، كانت القشاطة التي أعمل بها قد حصلنا عليها من نفايات المستوطنة مكسورة، وما أن أنتهي من العمل إلا وقد أكلت من لحم يديّ، وتبدأ الدماء تنزف منهما، ويكون التعب قد أنهكني من الجهد الذي يفوق طاقتي، ولم أكن أقوى على عصر ممسحة التنظيف من الماء جيدا، لكي تجفف الأرض سريعا، مما يجعلني أعيد العمل عدة مرات، وما أن أصل إلى الطابق الأول إلا والألم الناتج من الحذاء الكبير الذي أنتعله قد أدمى قدمي كذلك.
ملاحظة: حصلنا في ذلك اليوم مقابل عملنا ليرتين ونصف اسرائيلية، تساوي ربع دينار أردني، أما أنا فقد حصلت على طاقية وقطع من الصّدف، الذي قمت فيما بعد بعمل برواز يضم صور عائلتي.
هذا البرواز عمرة 41 عاما، وما زلت احتفظ به هو والطاقية إلى اليوم.
حقيقة احتفظت بهما والدتي كل هذه الأعوام.