إلى محمود درويش.. لم يلد أحدًا

عبد القادر الحصني | سوريا

لنجمِكَ أنْ يغادرَ
ما على نجمٍ، إذا خطبَتْهُ عاليةٌ سماءٌ
غير أنْ يصعدْ

حزينًا نصفَ حُزنٍ
لم يلِدْ أحدًا
ولكن كان محكومًا بأنْ يولَدْ

فتحملُه من الأرضين أرضٌ
ثم يحملُها لينهَدَ باتجاه الحُلمِ
لم يكذبْ عليه الحبُّ
لم تخدعْهُ سوسنةٌ
ولم يمدحْ سوى ظلٍّ لذاك الحُلمِ
ظلٍّ ليس أكثرَ
لم يقُلْ أحدٌ سواه عن الضباب بأنَّه ليلٌ وأبيضُ
واضِعًا في الاحتمال مشبَّهًا
أو شُبْهَةً لمشُبَّهٍ بالظلِّ
يمكنُ للأظلَّةِ أنْ يميلَ رمادُها في الشمسِ
مضطرًّا على الأسودْ

ويبقى الشعرُ
يبقى في نبوته بلا سيفٍ ولا دولةْ
ينحّي قولَهمْ ويمدُّ أجنحةً
ليرفعَ فوقهمْ قولَهْ
ليكتشفوا بأنَّ الحلمَ بابٌ
ليس مضطرًّا لأنْ يُوصَدْ
وشالُ صَبيَّةٍ
سَفَرٌ على الكتفينِ
فوق قِوامِها الأمْلَدْ
فلا ينحلُّ أو يُعقَدْ
«كزهرِ اللّوزِ أو أبعَدْ»
*
قد كنتَ أنتْ
حجرَ الفلاسفةِ القديمَ
وغربةَ الجرحِ المقيمِ
ولوعةَ التذكارِ.. في حِلٍّ من التذكار كنتَ
موزَّعًا في القمحِ،
تخرجُ من أساطير السّطورِ
مكلَّلاً بالغارِ والزّيتونِ،
مغسولاً بماءِ اللّيلِ
مبتسمًا، كما القمر الجميلْ
واليومَ تغفو،
حيث لا زمنٌ سوى الأبدِ الطويلْ
في حيث لا معنى لما يُدعى الكثير أو القليلْ
تغفو على شفتيكَ في الكلمات كلُّ الممكناتِ
ويستحيلُ المستحيلْ
ليكونَ ما قال المغنّي
في الرّحيلِ
من الرّحيل إلى الرّحيلْ

ليكونَ أنْ يتصالحَ الخصمانِ فيكَ
من القتيل إلى القتيلْ
ليُتاحَ أنْ يرتاحَ صمتُكَ
عندما تنمو على هدبيكَ أعشابُ الجليلْ.

قد كنتَ أنتَ، ولم يكونوا هُمْ
وكان أن «اتكأتَ على مياهٍ، فانكسرتْ»
فإذا سُئلتَ،
وسوف تُسألُ عن تفاصيلِ الحكايةِ
في الرّوايةِ
والدّرايةِ
والغوايةِ… والحصانْ

ولسوف تُسألُ: لِمْ أتيتَ؟ ولِمْ رحلتَ؟
ولِمْ أخذتَ؟ ولِمْ تركتَ؟
ولِمْ بقيتَ؟ ولِمْ رجَعتْ؟

فأتِحْ لهمْ أنْ يعرفوكَ ويجهلوكَ
ويجهلوكَ ويعرفوكَ
ودَعْ لهمْ «أثرَ الفراشةِ» في أثيرِ اللّامكانْ

يكفيكَ أنّكَ لم تكن إلاّكَ
أنّكَ كنتَ أنتْ
«لا تعتذرْ عمّا فعلتْ».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى